الْمَوْلُود من الزَّوْج إِنَّمَا هُوَ (بالفراش السَّابِق) الْقوي الَّذِي يثبت بِهِ النّسَب، وَإِن أنكر الزَّوْج كَونه مِنْهُ إِلَّا مَعَ الْمُلَاعنَة (وَعِنْده) أَي أبي حنيفَة (لَيست) الْولادَة الْمَذْكُورَة (عَلامَة إِلَّا مَعَ أَحدهمَا) أَي الْحَبل الظَّاهِر قبل الطَّلَاق أَو الْمَوْت واعتراف الزَّوْج (فَلَا تقبل) شَهَادَة الْقَابِلَة (دونه) أَي دون أَحدهمَا (لِأَن الْولادَة وَالْحَالة هَذِه) أَي وَالْحَال أَن كَيْفيَّة الْوَاقِعَة عدم ظُهُور الْحَبل وَعدم اعْتِرَاف الزَّوْج بِهِ سَابِقًا (كالعلة لثُبُوت النّسَب) حرا، وَالْجُمْلَة الخالية عَن الْمُضمر المستقر فِيهِ توسطت بَين اسْمهَا وخبرها، وَإِنَّمَا قيد كَونه كالعلة بهَا لِأَن الْولادَة عِنْد ظُهُور الْحَبل أَو الِاعْتِرَاف سَابِقًا أَو الْفراش الْقَائِم لَيست كالعلة فَإِن كلا من ذَلِك دَلِيل ظَاهر يسْتَند إِلَيْهِ ثُبُوت النّسَب وَتَكون الْولادَة حِينَئِذٍ عَلامَة فَقَط (فَيلْزم النّصاب) أَي إِذا كَانَت الْولادَة كالعلة حِينَئِذٍ فَيشْتَرط نِصَاب الشَّهَادَة رجلَانِ أَو رجل وَامْرَأَتَانِ لإثباتها (وَمثله) أَي مثل هَذَا الْخلاف وَاقع (إِذا علق طَلاقهَا عَلَيْهَا) أَي على الْولادَة وَأُرِيد إِثْبَات الطَّلَاق لوُجُود الْمُعَلق عَلَيْهِ (قبلت) شَهَادَة الْقَابِلَة على الْولادَة (عِنْدهمَا) أَي الصاحبين اعْتِبَار الْجَانِب كَونهَا عَلامَة (وَعِنْده يلْزم النّصاب) فَلَا تقبل (لِأَنَّهَا) أَي شهادتها حِينَئِذٍ (على الطَّلَاق معنى) وَإِن كَانَت على الْولادَة، وَصُورَة (كَمَا) إِذا شهِدت امْرَأَة (على ثيابة أمة بِيعَتْ بكرا لَا تقبل اتِّفَاقًا للرَّدّ) يَعْنِي إِذا اشْترى أمة على أَنَّهَا بكر، ثمَّ ادّعى أَنَّهَا ثيب وَأنكر البَائِع فَشَهِدت إِلَى آخِره، فَإِنَّهَا لَا تقبل اتِّفَاقًا لاسْتِحْقَاق المُشْتَرِي ردهَا على البَائِع لفَوَات الشَّرْط الْمَعْقُود عَلَيْهِ: أَي الْبكارَة (وَإِن قبلت) شهادتها (فِي الثيابة والبكارة) حَتَّى تثبت الثيابة فِي هَذِه فِي حق توجه الْخُصُومَة فَلَا تنْدَفع عَن البَائِع قبل الْقَبْض إِلَّا بحلفه بِاللَّه مَا بهَا هَذَا الْعَيْب، وَبعده بِاللَّه لقد سلمهَا بِحكم هَذَا البيع وَمَا بهَا هَذَا الْعَيْب.
(فصل: قسم الشَّافِعِيَّة الْقيَاس بِاعْتِبَار الْقُوَّة)
وَمَا يقابلها (إِلَى) قِيَاس (جلي) هُوَ (مَا علم فِيهِ نفي اعْتِبَار الْفَارِق بَين الأَصْل وَالْفرع) إِنَّمَا قَالَ: نفي اعْتِبَار الْفَارِق، وَلم يقل نفي الْفَارِق لِأَنَّهُ لَا بُد من وجود الْفَارِق بَينهمَا فِي كل قِيَاس لَكِن الْمَقْصُود نفي فَارق يَسْتَدْعِي زِيَادَة اخْتِصَاص الحكم بِالْأَصْلِ فَإِنَّهُ الْمُعْتَبر فِي الْفرق لَا غَيره، وَلَا شكّ أَن الْقيَاس الَّذِي علم فِيهِ نفي اعْتِبَار الْفَارِق أقوى فِي الِاحْتِجَاج من الَّذِي لم يعلم فِيهِ، بل ظن (كقياس الْأمة على العَبْد فِي أَحْكَام الْعتْق من التَّقْوِيم على مُعتق الْبَعْض) وَغَيره، وَقَوله من التَّقْوِيم إِلَى آخِره بَيَان الْأَحْكَام بَيَان ذَلِك أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " من أعتق شركا لَهُ فِي عبد فَكَانَ لَهُ مَال يبلغ بِهِ ثمن العَبْد قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل فَأعْطى شركاءه حصصهم وَعتق العَبْد عَلَيْهِ وَإِلَّا فقد عتق مِنْهُ مَا عتق " فَإنَّا نقطع بِعَدَمِ اعْتِبَار الشَّارِع الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة، وَأَنه لَا فَارق بَينهمَا سوى ذَلِك (و) إِلَى (خَفِي) قِيَاسه (بظنه) أَي نفي اعْتِبَار الْفَارِق وَلَا بِعِلْمِهِ جزما فَلَا يكون الِاحْتِجَاج بِهِ قَوِيا مثل الأول (كالنبيذ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute