أَي كقياس النَّبِيذ (على الْخمر فِي حُرْمَة الْقَلِيل مِنْهُ) أَي النَّبِيذ فَإِن كَونه مثل الْخمر فِي حُرْمَة الْقَلِيل غير مَعْلُوم بل مظنون (لتجويز اعْتِبَار) الْفَارِق بَينهمَا: أَي بَين (خُصُوصِيَّة الْخمر) فَإِنَّهُ يجوز عِنْد الْعقل أَن تكون حُرْمَة الْقَلِيل فِيهَا لخصوصها بِاعْتِبَار وصف يَخُصهَا كالنجاسة العينية، أَو أَن قليلها يَدْعُو إِلَى الْكثير أَكثر مِمَّا يَدْعُو قَلِيل النَّبِيذ إِلَى كَثِيره (وَلذَا) أَي ولتجويز اعْتِبَار خصوصيتها فِي نفس الْأَمر (قالته الْحَنَفِيَّة) أَي ذَهَبُوا إِلَى اعْتِبَار خصوصيتها فَلم يحرموا الْقَلِيل من النَّبِيذ. (و) قسموه (بِاعْتِبَار الْعلَّة إِلَى قِيَاس عِلّة) وَهُوَ (مَا صرح فِيهِ بهَا) أَي بِالْعِلَّةِ: كَمَا يُقَال حرم النَّبِيذ كَالْخمرِ للإسكار. (وَقِيَاس دلَالَة) وَهُوَ (أَن يجمع) فِيهِ بَين الأَصْل وَالْفرع (بملازمها) أَي بِذكر مَا يلازم الْعلَّة، وَفِي التَّعْبِير بالملازم دون اللَّازِم إِشْعَار بِأَن الْمُعْتَبر اللُّزُوم من الْجَانِبَيْنِ. ثمَّ مثل الملازم بقوله (كرائحة) الشَّرَاب (المشتد بالشدة المطربة الْمُشْتَركَة (بَين النَّبِيذ وَالْخمر لدلالته) أَي الملازم الْمَذْكُور (على وجود الْعلَّة) وَهِي (الْإِسْكَار) لِأَن وجود الملازم يسْتَلْزم وجود الملازم فِيهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (إِذْ كَانَ) مَا ذكر من الرَّائِحَة (ملازما لَهَا) أَي لِلْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْإِسْكَار (و) إِلَى (قِيَاس فِي معنى الأَصْل) وَهُوَ (أَن يجمع) بَين الأَصْل وَالْفرع فِي الحكم (بِنَفْي الْفَارِق) بَينهمَا (أَي بإلغائه) أَي إِلْغَاء وصف مَوْجُود فِي الأَصْل دون الْفَرْع وَإِظْهَار عدم مدخليته فِي الحكم (كإلغاء كَونه) أَي كَون الْمَقِيس عَلَيْهِ: وَهُوَ الَّذِي جَامع أَهله فِي نَهَار رَمَضَان فَأمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْكَفَّارَةِ على التَّفْصِيل الْمَذْكُور فِي السّنة (أَعْرَابِيًا وَكَونهَا) أَي الَّتِي جَامعهَا (أَهلا) أَي زَوْجَة لَهُ، وَإِذا ألغى الخصوصيات (فَتجب الْكَفَّارَة) أَي كَفَّارَة الْجِمَاع فِي نَهَار رَمَضَان عمدا (على غَيره) أَي غير ذَلِك الْأَعرَابِي بإلغاء الأول (و) تجب (بِالزِّنَا) أَي بمجامعة غير الْأَهْل بطرِيق الزِّنَا بإلغاء الثَّانِي (وَكَذَا) الْحَال فِي تَعديَة الحكم عَن مورد النَّص (إِذْ ألغى الْحَنَفِيّ كَونه) أَي الْمُفطر (جماعا فَتجب) الْكَفَّارَة (بعمد الْأكل) أَي بِالْأَكْلِ عمدا إِذا كَانَ الْمَأْكُول مِمَّا يقْصد بِهِ الْقُوت (وَلَو تعرض) القائس (لغير نفي الْفَارِق من عِلّة) بَيَان للْغَيْر (مَعَه) أَي مَعَ نفي الْفَارِق: يَعْنِي ذكر الْعلَّة للْحكم وَنفي الْفَارِق بَين الْفَرْع وَالْأَصْل (وَكَانَ) نفي الْفَارِق (قَطْعِيا خرج) مَا تعرض فِيهِ لما ذكر مَعَ النَّفْي الْقطعِي (إِلَى الْقيَاس الْجَلِيّ، أَو ظنيا فَإلَى الْخَفي) أَي وَلَو تعرض لما ذكر وَكَانَ النَّفْي ظنيا فَخرج إِلَى الْقيَاس الْخَفي، وَلَيْسَ المُرَاد الْخُرُوج من أحد الضدين إِلَى الآخر، بل البروز من عَالم الْإِمْكَان إِلَى إِحْدَى الصُّورَتَيْنِ (وَلَا يخفى أَن هَذَا) التَّقْسِيم (تَقْسِيم لما يُطلق عَلَيْهِ لفظ الْقيَاس) لَا للْقِيَاس الْمُعَرّف بِمَا ذكر فِي صدر الْمقَالة (إِذْ الْجمع) أَي جمع بَيَان الْعلَّة (بِنَفْي الْفَارِق لَيْسَ من حَقِيقَته) أَي الْقيَاس، وَقد يُقَال أَن الْقُيُود الَّتِي يحصل بانضمامها إِلَى الْمقسم الْأَقْسَام المتباينة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute