للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْكل وَلَا يخفى أَن المُصَنّف لَا يَدعِي مثل دَعوَاهُم حَتَّى يلْزم عَلَيْهِ الرُّجُوع عَن الدَّعْوَى بِهَذَا التَّحْقِيق (وَإِذن) أَي وَإِذا كَانَ التَّفْوِيض وَاقعا فِي الْجُمْلَة (فكونه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَذَلِك) أَي فوض إِلَيْهِ (فِي الأذخر أسهل مِمَّا تكلّف) فِي أجوبته (وَأقرب إِلَى الْوُجُود) بِحَسب نفس الْأَمر. وَقَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ: هَذِه المسئلة وَإِن أوردهَا متكلمو الْأُصُولِيِّينَ فَلَيْسَتْ بمعروفة بَين الْفُقَهَاء، وَلَيْسَ فِيهَا كثير فَائِدَة لِأَنَّهَا فِي غير الْأَنْبِيَاء لم تُوجد وَلَا يتَوَهَّم وجوده فِي الْمُسْتَقْبل.

[مسئلة]

(يجوز خلو الزَّمَان عَن مُجْتَهد) كَمَا هُوَ الْمُخْتَار عِنْد الْأَكْثَر مِنْهُم الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب (خلافًا للحنابلة) والأستاذ أبي إِسْحَاق والزبيري من الشَّافِعِيَّة فِي منع الْخُلُو مُطلقًا وَلابْن دَقِيق الْعِيد فِي مَنعه قبل اشْتِرَاط السَّاعَة الْكُبْرَى، وَالظَّاهِر عدم الْخلاف فِيمَا بعْدهَا وَأَن إِطْلَاق الْمُخَالف مَحْمُول على مَا دون هَذَا. (لنا لَا مُوجب) لمَنعه (وَالْأَصْل عَدمه) أَي عدم الْمُوجب (بل دلّ على الْخُلُو قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " أَن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعا) ينتزعه من الْعباد وَلَكِن ينتزعه بِقَبض الْعلمَاء، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (إِلَى قَوْله حَتَّى إِذا لم يبْق عَالم اتخذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا فأفتوا بِغَيْر علم فضلوا وأظلوا ") رَوَاهُ أَحْمد والستة، وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم وَيثبت الْجَهْل " رَوَاهُ البُخَارِيّ وَلَا يخفى أَن هَذَا لَا يقوم حجَّة على ابْن دَقِيق الْعِيد وعَلى الْحَنَابِلَة أَيْضا أَن حمل إِطْلَاقهم على مَا قبل الأشراط (قَالُوا) أَي الْحَنَابِلَة. (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق) من الظُّهُور: يَعْنِي الْغَلَبَة (حَتَّى يَأْتِي أَمر الله) وهم ظاهرون ". أخرجه البُخَارِيّ بِدُونِ لفظ على الْحق لكنه مَوْجُود فِي بعض الرِّوَايَات فَيحمل عَلَيْهِ، وَفِي بعض الرِّوَايَات حَتَّى تقوم السَّاعَة فَهُوَ المُرَاد بِأَمْر الله (أَو حَتَّى يظْهر الدَّجَّال) وَكلمَة أَو للشَّكّ فِي لفظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نفس الْأَمر بِسَبَب اخْتِلَاف الرِّوَايَات، ثمَّ الظُّهُور على الْحق لَا يُمكن إِلَّا بِالْعلمِ، وَلَا علم بِدُونِ الِاجْتِهَاد كَمَا بَين فِي مَحَله (أُجِيب) بِأَنَّهُ (لَا يدل) الحَدِيث (على نفي الْجَوَاز) بل على نفي الْوُقُوع، وَالْمُدَّعى نفي الْجَوَاز (وَلَا يخفى أَن مُرَادهم) أَي الْحَنَابِلَة من قَوْلهم لَا يجوز (لَا يَقع) خلو الزَّمَان عَنهُ لحمل الْجَوَاز على الْوُقُوع بِدَلِيل قَوْلهم (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يتَحَقَّق عدم الْوُقُوع بِأَن يَقع الْخُلُو (لزم كذبه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ بَين اللُّزُوم بقوله (والْحَدِيث يفِيدهُ) أَي عدم الْوُقُوع لدلالته على اسْتِمْرَار وجود الْعَالم إِلَى قيام السَّاعَة. وَخبر أَن مَجْمُوع قَوْله لَا يَقع إِلَى قَوْله لزم كذبه، ثمَّ علل كَون ذَلِك مرَادا بقوله: أَي تَرْجِيح الحَدِيث الدَّال على الْجَوَاز على الحَدِيث الدَّال على عَدمه (إِذْ لَا يَتَأَتَّى لعاقل إحالته) أَي الْخُلُو (عقلا) فهم يُرِيدُونَ نفي

<<  <  ج: ص:  >  >>