للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي مَفْهُوم الْمُوَافقَة مَعَ نظريتها فدلالته على مَا علم كَونه مَوْقُوفا عَلَيْهِ شرعا من قبل الْمَلْزُوم الَّذِي أوجب مَدْلُوله الصَّرِيح أظهر من دلَالَة مَفْهُوم الْمُوَافقَة الَّذِي لم يعلم من الشَّارِع توقف مَدْلُوله الصَّرِيح عَلَيْهِ أَن طلب الْمُتَكَلّم من الْمَأْمُور فعلا جعل صِحَّته مَوْقُوفَة على فعل آخر وَعلم مِنْهُ ذَلِك طلب لَهما جَمِيعًا وَهُوَ ظَاهر. هَذَا، وَفسّر الشَّارِح الْمَلْزُوم بِاللَّفْظِ وَلَا يخفى مَا فِيهِ (وَفرع عَلَيْهِ) أَي على وجوب الْمُقدمَة بِوُجُوب مَا هِيَ مُقَدّمَة لَهُ (تَحْرِيم) الزَّوْجَة (إِذا اشتبهت بالأجنبية) لِأَن الْكَفّ عَن الْأَجْنَبِيَّة وَاجِب، وَلَا يحصل الْعلم بِهِ إِلَّا بالكف عَن الزَّوْجَة فَيجب الْكَفّ عَنْهَا لتيقن الْكَفّ عَن الْأَجْنَبِيَّة، كَذَا ذكره الشَّارِح.

وَأَنت خَبِير بِأَن هَذَا إِنَّمَا يتم إِذا كَانَ التيقن بِالْخرُوجِ عَن عُهْدَة الْوَاجِب وَاجِبا، أما إِذا كَانَ الظَّن بِالْخرُوجِ الْمَذْكُور كَافِيا وَغلب على ظَنّه أَنَّهَا زَوجته فَلَا تحرم فَتَأمل.

[مسئلة]

(يجوز تَحْرِيم أحد أَشْيَاء) مُعينَة (كإيجابه) أَي أحد الْأَشْيَاء إِلَّا أَن التَّخْيِير هُنَا فِي التروك وَهُنَاكَ فِي الْأَفْعَال (فَلهُ) أَي الْمُكَلف (فعلهَا) أَي الْأَشْيَاء (إِلَّا وَاحِدًا لَا جمعهَا فعلا) بِأَن يفعل جميل تِلْكَ الْأَشْيَاء لِئَلَّا يكون فَاعِلا للْمحرمِ كَمَا أَنه هُنَاكَ لَيْسَ لَهُ تَركهَا جَمِيعًا لِئَلَّا يكون تَارِكًا للْوَاجِب، وَله أَن يَتْرُكهَا جَمِيع كَمَا أَن لَهُ أَن يَفْعَلهَا جَمِيعًا هُنَاكَ (وفيهَا) أَي فِي هَذِه المسئلة من الْأَقْوَال مثل (مَا تقدم) فِي الْوَاجِب الْمُخَير، فَقيل الْمحرم وَاحِد مِنْهَا لَا بِعَيْنِه، وَقيل يحرم جَمِيعهَا فيعاقب بِفِعْلِهَا عِقَاب فعل الْمُحرمَات ويثاب بِتَرْكِهَا ثَوَاب ترك الْمُحرمَات وَيسْقط تَركهَا الْوَاجِب بترك وَاحِد مِنْهَا، وَقيل الْمحرم مَا يختاره الْمُكَلف للترك مِنْهَا فيختلف باخْتلَاف الِاخْتِيَار، وَفِي الشَّرْح زِيَادَة تَفْصِيل فِيهَا، هَذَا وَزعم بعض الْمُعْتَزلَة أَنه لم يرد فِي اللُّغَة النَّهْي عَن وَاحِد من أَشْيَاء مُعينَة، ورد بِالْمَنْعِ حَتَّى أَنه لَوْلَا الْإِجْمَاع عَن النَّهْي عَن طَاعَة الْجَمِيع فِي قَوْله تَعَالَى - {وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفورا} - لم تحمل الْآيَة على ذَلِك (فتفريع تَحْرِيم الْكل) أَي زَوْجَاته (فِي قَوْله لزوجاته إحداكن طَالِق) على هَذَا الأَصْل (مناقضة لهَذَا الأَصْل) إِذْ من حكمه أَن لَهُ فعلهَا إِلَّا وَاحِدًا فتحريم الْكل منَاف لَهُ (بِخِلَاف) تَحْرِيم الزَّوْجَة فِي (الِاشْتِبَاه) بأجنبية فَإِنَّهُ لَا مناقضة فِيهِ لهَذَا الأَصْل، إِذْ لَيْسَ تَحْرِيم الزَّوْجَة مَعَ الْأَجْنَبِيَّة بِسَبَب تَحْرِيم أَحدهمَا، وَإِنَّمَا (حرمت الزَّوْجَة لاحتمالها) أَي الزَّوْجَة (الْمُحرمَة احْتِيَاطًا وَلَا احْتِمَال فِي الْوَاحِدَة الْمَوْطُوءَة هُنَا لِأَن مُوجبه) أَي إحداكن طَالِق (ترك وَاحِدَة) لَا على التَّعْيِين (وَقد فعل) إِذا وطئهن إِلَّا وَاحِدَة (إِلَّا أَن يعين) إِحْدَاهُنَّ للطَّلَاق (وينسى) الْمعينَة (فكالاشتباه) أَي فيحرمن احْتِيَاطًا لاحْتِمَال أَن يكون كل

<<  <  ج: ص:  >  >>