للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَدِيد، فَالْمُرَاد الحكم الْمَذْكُور فِي قَوْله يُوجب حكمه هَذَا الْحَادِث فَإِنَّهُ يُسمى حكما وَإِن كَانَ فِي الْحَقِيقَة تعلقا من تعلقات الْكَلَام النَّفْسِيّ الأزلي على مَا حقق فِي مَحَله (وَهُوَ) أَي رفع النَّاسِخ حكم الْمَنْسُوخ عِنْد حُضُور وَقت الْمَنْسُوخ الْمُقدر لَهُ (ممنوعكم) أَيهَا الْمُعْتَزلَة حَيْثُ قُلْتُمْ: تعلق الْوُجُوب بالمستقبل مَانع من نسخه بزعم أَنه يسْتَلْزم توارد النَّفْي وَالْإِثْبَات على مَحل وَاحِد فِي وَقت: وَذَلِكَ لأنكم ظننتم أَن الحكم الأول يُوجب تعلق الْوُجُوب مُنجزا بِالْفِعْلِ فِي وَقت النّسخ وَمَا علمْتُم أَن مرادنا كَونه بِحَيْثُ يُوجِبهُ لَوْلَا النَّاسِخ فَإِن كَونه فِي معرض الْإِيجَاب نوع تعلق يرْتَفع بِسَبَب النَّاسِخ وَالله أعلم. (فَإِن أجزتموه) أَي رفع النَّاسِخ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور (وَلم تسموه نسخا فلفظية) أَي فالمنازعة لفظية (وَقد وافقتم) على جَوَاز النّسخ قبل التَّمَكُّن من الْفِعْل (وَأَيْضًا لَو صَحَّ) مَا ذكرْتُمْ من قَوْلكُم إِن كَانَ وَاجِبا وَقت الرّفْع إِلَى آخِره (انْتَفَى النّسخ) مُطلقًا وَلَو بعد التَّمَكُّن بل بعد الْفِعْل لجَرَيَان الترديد الْمَذْكُور فِي جَمِيع الْمَرَاتِب. (ثمَّ استبعد) نقل هَذَا الِاسْتِدْلَال (عَنْهُم) أَي الْمُعْتَزلَة (لذَلِك الرّفْع مِنْهُم) أَي قَوْلهم فِي قصَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام جَازَ التَّأْخِير لِأَنَّهُ موسع فَإِنَّهُ يُفِيد تعلق الْوُجُوب بِوَقْت الرّفْع، لِأَن حَاصِل ذَلِك الْجَواب تَسْلِيم وجوب الذّبْح، وَتَسْلِيم النّسخ، وَعدم الْعِصْيَان بِالتّرْكِ لكَون الْوُجُوب موسعا وَلَا شكّ أَن الْوُجُوب فِي الموسع بَاقٍ مَا لم يَأْتِ بِالْفِعْلِ فَيلْزم وُقُوع النّسخ فِي وَقت تعلق الْوُجُوب (وللتعارض) من عدم تجويزهم النّسخ قبل التَّمَكُّن للُزُوم اجْتِمَاع الْأَمريْنِ بالنقيضين، وتجويزهم إِيَّاه بعد التَّمَكُّن لما عرفت، من أَن عِلّة التجويز مُشْتَركَة بَين الصُّورَتَيْنِ (يجب نِسْبَة ذَلِك) الَّذِي ذكره الْمُحَقِّقُونَ عَنْهُم إِلَيْهِم لسلامته عَن التَّعَارُض حملا لكَلَام الْعُقَلَاء على مَا لَا يلْزم التَّنَاقُض مَا أمكن.

[مسئلة]

قَالَ (الْحَنَفِيَّة والمعتزلة لَا يجوز نسخ حكم فعل لَا يقبل حسنه وقبحه السُّقُوط) الْوَاو بِمَعْنى أَو وَيحْتَمل التَّوْزِيع لِأَن لفعل الَّذِي لَا يجوز نسخ حكمه كل بِاعْتِبَار بعض مَا صدقاته لَا يقبل حسنه السُّقُوط، وَبِاعْتِبَار بَعْضهَا لَا يقبل قبحه السُّقُوط أَو يقدر السُّقُوط قبل الْوَاو وَلَا يجوز تَأْخِيره بعْدهَا (كوجوب الْإِيمَان وَحُرْمَة الْكفْر) لِأَنَّهُ لَا يرْتَفع شَيْء مِنْهُمَا لقِيَام دَلِيله وَهُوَ الْعقل (وَالشَّافِعِيَّة يجوز) وَالْإِجْمَاع على عدم الْوُقُوع (وَهِي) أَي هَذِه المسئلة (فرع التحسين والتقبيح) العقليين. قَالَ بِهِ الْحَنَفِيَّة والمعتزلة، وَلم يقل بِهِ الأشاعرة من الشَّافِعِيَّة وَغَيرهم فَقَالُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>