بِجَوَاز نسخهما عقلا. وَقد تقدم الْكَلَام فِيهِ فِي فصل الْحَاكِم (وَلَا) يجوز نسخ حكم (نَحْو الصَّوْم عَلَيْكُم وَاجِب مستمرا أبدا اتِّفَاقًا) فَعِنْدَ غير الْحَنَفِيَّة (للنصوصية) على تأبيد الحكم (وَعند الْحَنَفِيَّة لذَلِك) أَي للنصوصية (على رَأْي) فِي النَّص وَهُوَ اللَّفْظ المسوق للمراد الظَّاهِر مِنْهُ (وعَلى) رَأْي (آخر) فِيهِ وَهُوَ مَا ذكر مَعَ قيد آخر وَهُوَ أَن لَا يكون مدلولا وضعيا كالتفرقة بَين البيع والربا فِي الْحل وَالْحُرْمَة فِي أحل الله البيع وَحرم الرِّبَا (للتَّأْكِيد) فَإِن الْأَبَد هُوَ الِاسْتِمْرَار الدَّائِم فَهُوَ وَإِن سيق لَهُ لكنه مَدْلُول وضعي (على مَا سلف من تَحْقِيق الِاصْطِلَاح) فِي التَّقْسِيم الثَّانِي للدلالة (وَاخْتلف فِي) حكم (ذِي مُجَرّد تأبيد قيدا للْحكم) كيجب عَلَيْكُم أبدا صَوْم رَمَضَان (لَا الْفِعْل كصوموا أبدا) فَإِن أبدا هَهُنَا ظرف للصَّوْم لَا لإيجابه عَلَيْهِم، لِأَن الْفِعْل يعْمل بمادته لَا بهيئته، وَدلَالَة الْأَمر على الْوُجُوب بالهيئة لَا بالمادة، وَفِيه مَا فِيهِ (أَو) فِي حكم ذِي مُجَرّد (تأقيت قبل مضيه) أَي مُضِيّ ذَلِك الْوَقْت (كحرمته عَاما) حَال كَونه حرمته (إنْشَاء فالجمهور وَمِنْهُم طَائِفَة من الْحَنَفِيَّة يجوز) نسخه (وَطَائِفَة كَالْقَاضِي أبي زيد وَأبي مَنْصُور وفخر الْإِسْلَام والسرخسي) والجصاص (يمْتَنع) نسخه (للُزُوم الْكَذِب) فِي الأول لِأَن الحكم الأول يدل على أَن الصَّوْم مَطْلُوب دَائِما والنسخ يدل على خِلَافه (أَو البداء) على الله تَعَالَى فِي الثَّانِي لِأَن النّسخ فِيهِ يدل على حُدُوث (وَهُوَ) أَي اللُّزُوم الْمَذْكُور (الْمَانِع) من النّسخ (فِي الْمُتَّفق) على عدم جَوَاز نسخه كَقَوْلِه الصَّوْم عَلَيْكُم وَاجِب مُسْتَمر أبدا (قَالُوا) أَي المجوزون للنسخ فِي الأول: أَن أبدا (ظَاهر فِي عُمُوم الْأَوْقَات) المستقلة (فَجَاز تَخْصِيصه) بِوَقْت فِيهَا دون وَقت كَمَا يجوز تَخْصِيص عُمُوم سَائِر الظَّوَاهِر، إِذْ التَّخْصِيص فِي الْأَزْمَان كالتخصيص فِي الْأَعْيَان (قُلْنَا نعم) يجوز تَخْصِيصه (إِذا اقْترن) الْمَخْصُوص (بدليله) أَي التَّخْصِيص (فَيحكم حِينَئِذٍ) أَي حِين اقترانه بِدَلِيل التَّخْصِيص (بِأَنَّهُ) أَي التَّأْبِيد (مُبَالغَة) أُرِيد بِهِ الزَّمن الطَّوِيل مجَازًا (أما مَعَ عَدمه) أَي دَلِيل التَّخْصِيص (وَهُوَ) أَي عَدمه (الثَّابِت) فِيمَا نَحن فِيهِ (فَذَلِك اللَّازِم) أَي فلزوم الْكَذِب هُوَ اللَّازِم لإِرَادَة التَّخْصِيص فِيمَا نَحن فِيهِ (وَحَاصِله) أَي هَذَا الْجَواب (حِينَئِذٍ يرجع إِلَى اشْتِرَاط الْمُقَارنَة فِي دَلِيل التَّخْصِيص) للعام الْمَخْصُوص (وَتقدم) فِي بحث التَّخْصِيص (وَالْحق أَن لُزُوم الْكَذِب) إِنَّمَا هُوَ (فِي) نسخ (الْأَخْبَار) الَّتِي لَا يتَغَيَّر مَعْنَاهَا كوجود الصَّانِع، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (كماض) كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " الْجِهَاد مَاض (إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَلِذَا) أَي لُزُوم الْكَذِب (اتّفق عَلَيْهِ) أَي على عدم جَوَاز النّسخ فِي الْأَخْبَار الْمَذْكُورَة (الْحَنَفِيَّة، وَالْخلاف) إِنَّمَا هُوَ (فِي غَيره) أَي غير نسخ الْأَخْبَار الْمَذْكُورَة (مِمَّا يتَغَيَّر مَعْنَاهُ كفر زيد بِخِلَاف حُدُوث الْعَالم) وَنَحْوه مِمَّا لَا يتبدل قطعا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute