للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَن الْعَمَل بِشَيْء مِنْهُمَا إِلَى أَن يظْهر رُجْحَان أَحدهمَا فَيعْمل بِهِ كَمَا ذهب إِلَيْهِ القَاضِي أَبُو بكر وليخبر الْمُجْتَهد بِالْعَمَلِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، فَإِذا عمل بِأَحَدِهِمَا سقط الآخر، وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِي (وَلَا يخفى أَن الأول) أَي قَوْلهم التَّعَبُّد بِهِ مُمْتَنع لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تَحْرِيم الْحَلَال وَقَلبه (لَيْسَ عقليا، بل مِمَّا أَخذه الْعقل من الشَّرْع، فالمطابق) أَي فالاستدلال المطابق للْمُدَّعِي الِاسْتِدْلَال (الثَّانِي) وَهُوَ لُزُوم اجْتِمَاع النقيضين: وَهَذَا تَعْرِيض بِمَا فِي الشَّرْح العضدي. وَزعم الشَّارِح أَن كلا الدَّلِيلَيْنِ يحْتَاج فِي تَقْرِيره إِلَى فرض مخبرين بالنقيضين، وَلم يدر أَنه حِينَئِذٍ لَا يبْقى لقَوْله لجَوَاز خطئه معنى، وَيرد عَلَيْهِ مفاسد أخر (وَمَا) نقل (عَنْهُم) أَي الْمُخَالفين (من قَوْلهم لَو جَازَ) التَّعَبُّد بِهِ (جَازَ) التَّعَبُّد فِي العقائد (وَنقل الْقُرْآن وادعاه النُّبُوَّة بِلَا معجز) وَمعنى التَّعَبُّد فِي الْأَخيرينِ أَن يعْتَقد أَن الْقُرْآن والنبوة من غير احْتِيَاج إِلَى تَوَاتر وَإِظْهَار معْجزَة، وَاللَّازِم بَاطِل اتِّفَاقًا، وَخبر الْمُبْتَدَأ وَهُوَ الْمَوْصُول (سَاقِط لِأَن الْكَلَام فِي التجويز الْعقلِيّ فنمنع بطلَان التَّالِي) ونقول: بل يجوز التَّعَبُّد بِهِ فِي هَذِه الْمَذْكُورَات أَيْضا (غير أَن التَّكْلِيف وَقع بِعَدَمِ الِاكْتِفَاء) بِخَبَر الْوَاحِد (فِيهَا) قَالَ تَعَالَى - {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} - خص بِمَا عدا الْفُرُوع للأدلة الدَّالَّة على أَن الظَّن كَاف فِيهَا، وَهُوَ حَاصِل بِخَبَر الْعدْل الْوَاحِد.

[مسئلة]

(الْعَمَل بِخَبَر الْعدْل وَاجِب فِي العمليات) وَمنعه الروافض وشذوذ، مِنْهُم ابْن دَاوُد (لنا تَوَاتر) الْعَمَل بِهِ (عَن الصَّحَابَة فِي) آحَاد (وقائع خرجت عَن الإحصاء للمستقرين يُفِيد مجموعها) أَي آحَاد الوقائع (إِجْمَاعهم) أَي الصَّحَابَة (قولا) بِأَن قَالَ كل مِنْهُم يجب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد الْعدْل (أَو كالقول على إِيجَاب الْعَمَل عَنْهَا) أَي أَخْبَار الْآحَاد بِأَن لم يقل كل وَاحِد صَرِيحًا، لَكِن علم ذَلِك من كَلَامهم (فَبَطل إِلْزَام الدّور) بِأَن يُقَال: إِثْبَات وجوب الْعَمَل بِهِ بِخَبَر الْوَاحِد مَوْقُوف على وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد (و) إِلْزَام (مُخَالفَة - وَلَا تقف) مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم - بِخَبَر الْوَاحِد لأَنا إِنَّمَا أَثْبَتْنَاهُ بالتواتر لَا بِخَبَر الْوَاحِد وَهُوَ يُفِيد الْعلم، (و) إِلْزَام (كَون الْمُسْتَفَاد) من هَذِه الوقائع (الْجَوَاز) أَي جَوَاز الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد، والنزاع إِنَّمَا هُوَ فِي الْوُجُوب، لِأَن إيجابهم الْأَحْكَام بهَا يدل على وجوب الْعَمَل (على أَنه لَا قَائِل بِهِ) أَي بِالْجَوَازِ (دون وجوب وَمن مشهورها) أَي أَعمال الصَّحَابَة بأخبار الْآحَاد (عمل أبي بكر بِخَبَر الْمُغيرَة) بن شُعْبَة (وَمُحَمّد بن مسلمة فِي تَوْرِيث الْجدّة) السُّدس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا أخرجه مَالك وَأحمد وَأَصْحَاب السّنَن. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح وَصَححهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم (و) عمل (عمر بِخَبَر عبد الرَّحْمَن

<<  <  ج: ص:  >  >>