[مسئلة]
(لَا ينْسَخ الْإِجْمَاع) الْقطعِي أَي لَا يرْتَفع الحكم الثَّابِت بِهِ (وَلَا ينْسَخ بِهِ) غَيره (أما الأول فَلِأَنَّهُ لَو كَانَ) أَي لَو تحقق رفع حكمه (فبنص) أَي فَينْسَخ بِنَصّ (قَاطع أَو إِجْمَاع) قَاطع (وَالْأول) أَي نسخه بِنَصّ قَاطع (يسْتَلْزم خطأ قَاطع الْإِجْمَاع) أَي الْإِجْمَاع الْقَاطِع مثل جرد قطيفة (لِأَنَّهُ) أَي الْإِجْمَاع حِينَئِذٍ بِخِلَاف الْوَاقِع الَّذِي هُوَ النَّص وخلافه خطأ لتقدم ذَلِك عَلَيْهِ لما سَيَجِيءُ، وَلَا ينْعَقد الْإِجْمَاع على (خلاف الْقَاطِع، وَالثَّانِي) أَي رفع الْإِجْمَاع بِالْإِجْمَاع يسْتَلْزم (بطلَان أَحدهمَا) أَي الاجماعين النَّاسِخ والمنسوخ وَهُوَ ظَاهر (وَلَيْسَ) هَذَا الدَّلِيل (بِشَيْء لِأَن النّسخ لَا يُوجب خطأ) لاستلزامه خطأ الحكم الْمَنْسُوخ مُطلقًا، بل إِنَّمَا ينْسَخ الْإِجْمَاع بِنَصّ مُتَأَخّر لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر الْإِجْمَاع (الأول، وَإِلَّا) أَي وَإِن كَانَ النّسخ مُوجبا إِيَّاه (امْتنع) النّسخ (مُطلقًا) لاستلزامه خطأ الحكم الْمَنْسُوخ مُطلقًا (بل) إِنَّمَا لَا ينْسَخ الْإِجْمَاع بِنَصّ مُتَأَخّر (لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر لِأَن حجيته) أَي الْإِجْمَاع مَشْرُوطَة (بِقَيْد بعديته) أَي بِأَن يكون انْعِقَاده بعد زَمَانه (عَلَيْهِ السَّلَام فَلَا يتَصَوَّر تَأَخّر النَّص عَنهُ) أَي الْإِجْمَاع (وثمرته) أَي الْخلاف فِي أَن الْإِجْمَاع لَا ينْسَخ بِغَيْرِهِ تظهر (فِيمَا إِذا أجمع على قَوْلَيْنِ) فِي الشَّرْح العضدي. قَالَ المجيزون: اخْتلفت الْأمة على قَوْلَيْنِ فَهُوَ إِجْمَاع على أَن المسئلة اجتهادية يجوز الْأَخْذ بكلهما، ثمَّ يجوز إِجْمَاعهم على أحد الْقَوْلَيْنِ كَمَا مر فَإِذا أَجمعُوا بَطل الْجَوَاز الَّذِي هُوَ مُقْتَضى ذَلِك الْإِجْمَاع وَهُوَ معنى النّسخ (جَازَ بعده) أَي بعد الْإِجْمَاع على الْقَوْلَيْنِ الْإِجْمَاع (على أَحدهمَا) بِعَيْنِه (فَإِذا وَقع) الْإِجْمَاع على أَحدهمَا بِعَيْنِه (ارْتَفع جَوَاز الْأَخْذ بِالْآخرِ) لتعين الْأَخْذ بِمَا أجمع عَلَيْهِ على سَبِيل التَّعْيِين، وَبطلَان الْأَخْذ بمخالفه (فالمجيز) لجَوَاز نسخ الْإِجْمَاع وصيرورته مَنْسُوخا يَقُول ارْتِفَاع جَوَاز الْأَخْذ بِالْآخرِ بعد أَن كَانَ مجمعا عَلَيْهِ (نسخ) لذَلِك الْإِجْمَاع (وَالْجُمْهُور) يَقُولُونَ (لَا) أَي لَيْسَ بنسخ (لمنع الْإِجْمَاع على أَحدهمَا) بِعَيْنِه: يَعْنِي ثُبُوت هَذَا النّسخ مَوْقُوف على صِحَة انْعِقَاد الْإِجْمَاع على أحد ذَيْنك الْقَوْلَيْنِ بِعَيْنِه وَهِي مَمْنُوعَة (لِأَنَّهُ) أَي انْعِقَاد الْإِجْمَاع على أَحدهمَا بِعَيْنِه (مُخْتَلف) فِيهِ (وَلَو سلم) انْعِقَاد الْإِجْمَاع على أَحدهمَا بِعَيْنِه (ف) لَيْسَ الِارْتفَاع الْمَذْكُور نسخا للْإِجْمَاع التَّام، لِأَن تَمَامه وتقرره (مَشْرُوط بِعَدَمِ قَاطع يمنعهُ) أَي يمْنَع انْعِقَاده على وَجه اللُّزُوم (وَالْإِجْمَاع على أَحدهمَا) بِعَيْنِه (مَانع) من ذَلِك، وَفِيه نظر، لِأَن الْمُخْتَار أَنه إِذا أجمع أهل الْحل وَالْعقد على حكم فِي عصر فبمجرد انْعِقَاده صَار قَطْعِيا وَيلْزم أَن يكون تَاما وَيَكْفِي عدم الْمَانِع فِي وَقت الِانْعِقَاد فَتدبر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute