للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل من مَاتَ على كفر أَو مَعْصِيّة بِالْإِيمَان وَالْإِسْلَام) المتضمن التَّكْلِيف بِمَا هُوَ ضد للمعاصي (وَإِذ منكره) أَي مُنكر جَوَاز التَّكْلِيف بل وُقُوعه بِالنِّسْبَةِ إِلَى من مَاتَ على كفر أَو مَعْصِيّة (يكفر بإنكار) حكم (ضَرُورِيّ ديني) لأَنا نعلم بِالضَّرُورَةِ من الدّين أَن الْكفَّار والعصاة مأمورون بترك الْكفْر وَالْمَعْصِيَة إِلَى الْإِيمَان وَالطَّاعَة، فإنكار إِيجَاب الْإِيمَان كفر إِجْمَاعًا (استبعدنا الْخلاف خُصُوصا الإِمَام) أَي من الإِمَام، نقل الشَّارِح عَن السُّبْكِيّ أَن مَا لوُقُوعه شَرط إِن علم الْآمِر الشَّرْط وَاقعا فَلَا إِشْكَال، وَأَن جَهله ويفرض فِي أَمر السَّيِّد عَبده فَكَذَلِك، وَنقل المُصَنّف الِاتِّفَاق عَلَيْهِ وَإِن علم انتفاءه فعلى قسمَيْنِ: أَحدهمَا مَا يتَبَادَر إِلَى الذِّهْن فهمه حِين إِطْلَاق التَّكْلِيف كالحياة والتمييز. فَإِن السَّامع مَتى سمع التَّكْلِيف يتَبَادَر ذهنه إِلَى أَنه يستدعى حَيا مُمَيّزا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي خَالف فِيهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ، وَالثَّانِي خِلَافه وَهُوَ تعلق علم الله تَعَالَى بِأَن زيدا لَا يُؤمن، فَإِن انْتِفَاء التَّعَلُّق شَرط فِي وجود إيمَانه لَكِن السَّامع يقْضِي بِإِمْكَان إِيمَان زيد غير نَاظر إِلَى هَذَا الشَّرْط، وَهَذَا لَا يُخَالف فِيهِ الإِمَام وَلَا غَيره، وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.

[مسئلة]

(مانعو تَكْلِيف الْمحَال) مجمعون (على أَن شَرط التَّكْلِيف فهمه) أَي تصور التَّكْلِيف بِأَن يفهم الْمُكَلف الْخطاب قدر مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الِامْتِثَال، لَا بِأَن يصدق بِأَنَّهُ مُكَلّف، وَإِلَّا لزم الدّور وَعدم تَكْلِيف الْكفَّار (وَبَعض من جوزه) أَي تَكْلِيف الْمحَال أَيْضا على أَن شَرط التَّكْلِيف فهمه (لِأَنَّهُ) أَي التَّكْلِيف (للابتداء وَهُوَ) أَي الِابْتِلَاء، وَهُوَ الاختبار (مُنْتَفٍ هَهُنَا) لِأَنَّهُ لَا يتَحَقَّق بِدُونِ الْفَهم (وَاسْتدلَّ) كَمَا فِي أصُول ابْن الْحَاجِب وَغَيره للمختار (لَو صَحَّ) تَكْلِيف من لَا يفهم التَّكْلِيف (كَانَ) تَكْلِيفه (طلب) حُصُول (الْفِعْل) مِنْهُ متلبسا (بِقصد الِامْتِثَال) لِأَنَّهُ مُعْتَبر فِي معنى التَّكْلِيف (وَهُوَ) أَي طلبه بِهَذَا الْقَصْد (مُمْتَنع مِمَّن لَا يشْعر بِالْأَمر، وَقد يدْفع) هَذَا الِاسْتِدْلَال (بِأَن المستحيل) فِي تَكْلِيف من لَا يفهم التَّكْلِيف (الِامْتِثَال وَلَا يُوجب) اسْتِحَالَة الِامْتِثَال فِيهِ (اسْتِحَالَة التَّكْلِيف، إِذْ غَايَته) أَي غَايَة تَكْلِيف من لَا يفهم (تَكْلِيف بمستحيل، وَبلا فَائِدَة الِابْتِلَاء وَيجب) تَجْوِيز مثل (ذَلِك) فِي أَنه خلاف مَا تَقْتَضِيه الْحِكْمَة بِحَسب ظَاهر الْعقل (مِمَّن يُجِيز عَلَيْهِ) أَي على الله تَعَالَى (تَعْذِيب الطائع، تَعَالَى عَنهُ، بل) جَوَاز هَذَا (أولى) من جَوَاز تَعْذِيب الطائع (وَأَيْضًا لَو صَحَّ) تَكْلِيف من لَا يفهم التَّكْلِيف (صَحَّ تَكْلِيف الْبَهَائِم، إِذْ لَا مَانع فِيهَا) أَي الْبَهَائِم من التَّكْلِيف (سوى عدم الْفَهم وقلتم لَا يمْنَع) عدم الْفَهم التَّكْلِيف (وَلَا يتَوَقَّف مجيز تَكْلِيف الْمحَال عَن الْتِزَامه) أَي جَوَاز تَكْلِيف الْبَهَائِم (غَايَته) أَنه جَائِز (لم يَقع وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>