عدم الْمَانِع من التَّكْلِيف عِلّة لثُبُوته) أَي التَّكْلِيف (ليلزم الْوُقُوع بل هِيَ) أَي عِلّة ثُبُوت التَّكْلِيف (الاختبار) أَي اختبار الله تَعَالَى وَلم يثبت (وَلَو جعل هَذَا) الْخلاف (وَنَحْوه) خلافًا (لفظيا فالمانع) من تَكْلِيف من لَا يفهم التَّكْلِيف يَقُول: تَكْلِيف من لَا يفهم مُمْتَنع (لاتفاقنا على أَن الْوَاقِع) أَي الْمُحَقق فِي نفس الْأَمر (نقيضه) وَهُوَ عدم تَكْلِيف من لَا يفهم التَّكْلِيف (فَيمْتَنع) التَّكْلِيف (بِلَا فهم) للتكليف فِي نفس الْأَمر (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يمْتَنع كَانَ مُمكنا فِي نفس الْأَمر فيفرض تحَققه فِي نفس الْأَمر، وَإِذا فرض (اجْتمع النقيضان) عل ذَلِك التَّقْدِير: التَّكْلِيف وَعَدَمه، وَفِيه أَن مثل هَذَا لَا يُقَال فِي عدم كل مُمكن (والمجيز) لتكليفه يَقُول: جَائِز مَعَ قطع النّظر عَن أَن الْوَاقِع نقيضه مَوْجُود فَلَا طائل تَحْتَهُ، وَالْمَطْلُوب فِي دَعْوَى امْتنَاع الشَّيْء امْتِنَاعه مَعَ قطع النّظر عَن تحقق نقيضه (بِالنّظرِ إِلَى مَفْهُوم تَكْلِيف) كَائِن (بِالنِّسْبَةِ إِلَى من لَهُ الْقُدْرَة عَلَيْهِ) أَي على الْفِعْل، لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى من لَا قدرَة لَهُ عَلَيْهِ كَالْبَهَائِمِ (على نَحْو مَا قدمْنَاهُ فِي) فصل (الْحَاكِم) من أَنه يُمكن أَن يَقُول قَائِل: إِن الْخلاف فِي جَوَاز تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق وتعذيب الطائع لَفْظِي (أمكن) جَوَاب لَو جعل (قَالُوا) أَي المخالفون (لَو لم يَصح) تَكْلِيف من لَا يفهم التَّكْلِيف (لم يَقع) لكنه وَقع، كَيفَ لَا (وَقد كلف السَّكْرَان حَيْثُ اعْتبر طَلَاقه وإتلافه أُجِيب بِأَنَّهُ) أَي اعتبارهما مِنْهُ (من ربط المسببات بأسبابها وضعا) شَرْعِيًّا كربط وجوب الصَّوْم بالشهر، لَا من التَّكْلِيف (قَالُوا) أَيْضا (قَالَ تَعَالَى: لَا تقربُوا الصَّلَاة الْآيَة فَخُوطِبُوا) أَي السكارى (حَال السكر أَلا يصلوا) وَهُوَ تَكْلِيف لمن لَا يفهم التَّكْلِيف (أُجِيب بِأَنَّهُ) أَي الِاسْتِدْلَال بهَا (مُعَارضَة قَاطع) وَهُوَ الدَّلِيل الدَّال على امْتنَاع تَكْلِيف من لَا يفهم (بِظَاهِر) وَهُوَ الْآيَة (فَوَجَبَ تَأْوِيله) أَي الظَّاهِر لِأَنَّهُ يؤول عِنْد مُعَارضَة الْقَاطِع (أما بِأَنَّهُ نهي عَن السكر عِنْد قصد الصَّلَاة) لِأَن النهى إِذا ورد على وَاجِب شرعا مُقَيّد بِغَيْر الْوَاجِب انْصَرف إِلَى الْغَيْر، فَالْوَاجِب الصَّلَاة، والمقيد السكر، فالمنهي عَنهُ فِي الْحَقِيقَة السكر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} - فَإِن الْمنْهِي عَنهُ فِيهِ عدم الْإِسْلَام إِلَّا الْمَوْت (أَو) بِأَنَّهُ (نهى الثمل) بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَكسر الْمِيم، قيل هُوَ من بَدَت بِهِ أَوَائِل الطَّرب وَلم يزل عقله دون الطافح (لعدم التثبت) فِيمَا يَنْبَغِي أَن يَأْتِي بِهِ فِي الصَّلَاة (كالغصب) تَمْثِيل لما لَا يَنْبَغِي أَن يَأْتِي بِهِ فِيهَا، ويلائمه قَوْله - {حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ} - وناقش الشَّارِح فِي كَون الثمل أَوَائِل الطَّرب لما ورد فِي الحَدِيث فِي حق حَمْزَة رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ قَالَ فِي شربه قبل التَّحْرِيم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعليّ: وَهل أَنْتُم إِلَّا عبيد أبي، فَعرف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ثمل: أَي سَكرَان شَدِيد السكر، وَلَا يخفى دَفعه (وَلَا يخفى أَنه) أَي الدَّلِيل الدَّال على امْتنَاع تَكْلِيف مَا لَا يفهم (إِنَّمَا يكون قَاطعا بِلُزُوم) اجْتِمَاع (النقيضين) على تَقْدِير تَكْلِيفه (كَمَا ذكرنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute