للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بارتفاعه بالنسخ لَا يمنعهُ بل يُثبتهُ ويحققه (فَكيف يُنَافِيهِ).

[مسئلة]

(الِاتِّفَاق على جَوَاز النّسخ) للْحكم (بعد التَّمَكُّن) من الْفِعْل الَّذِي تعلق بِهِ الحكم بعد علمه بتكليفه بِهِ (بِمُضِيِّ مَا يسمع) الْفِعْل (من الْوَقْت الْمعِين لَهُ) أَي للْفِعْل (شرعا إِلَّا مَا عَن الْكَرْخِي) من أَنه لَا يجوز إِلَّا بعد حَقِيقَة الْفِعْل سَوَاء مضى من الْوَقْت مَا يسمع الْفِعْل أَولا، كَذَا ذكره الشَّارِح وَلَا يخفى مَا فِيهِ: من أَنه لَا يتَصَوَّر تحقق حَقِيقَته من غير أَن يمْضِي مَا يَسعهُ الْوَقْت: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال مُرَاده أَنه إِن لم تتَحَقَّق حَقِيقَته لَا يجوز سَوَاء إِلَى آخِره (وَاخْتلف فِيهِ) أَي فِي النّسخ (قبله) أَي قبل التَّمَكُّن من الْفِعْل (بِكَوْنِهِ) أَي بِوُقُوعِهِ (قبل) دُخُول (الْوَقْت) الْمعِين للْفِعْل (أَو بعده) أَي بعد دُخُوله (قبل) مُضِيّ (مَا يسع) الْفِعْل مِنْهُ سَوَاء (شرع) فِي الْفِعْل (أَو لَا كصم غَدا وَرفع) وجوب صَوْمه (قبله) أَي الْغَد (أَو) رفع (فِيهِ) أَي فِي الْغَد (وَإِن شرع) فِي صَوْمه (قبل التَّمام) لصيامه (فالجمهور من الْحَنَفِيَّة وَغَيرهم) كالشافعية والأشاعرة قَالُوا (نعم) يجوز نسخه (بعد التَّمَكُّن من الِاعْتِقَاد) لحقيقته (وَجُمْهُور الْمُعْتَزلَة وَبَعض الْحَنَابِلَة والكرخي) والجصاص والماتريدي والدبوسي (والصيرفي لَا) يجوز وَإِن كَانَ بعد التَّمَكُّن من الِاعْتِقَاد (لنا لَا مَانع عَقْلِي وَلَا شَرْعِي) من ذَلِك (فَجَاز) جَوَازًا عقليا شَرْعِيًّا (و) أما الْوُقُوع فقد (نسخ) الشَّارِع (خمسين) من الصَّلَوَات فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة بِفَرْض الْخمس، وَيحْتَمل أَن يكون نسخ على صِيغَة الْمصدر مُضَافا إِلَى خمسين مَعْطُوفًا على لَا مَانع، وَالْمرَاد من نسخ الْخمسين نسخ مَا زَاد على الْخمس وَهُوَ خمس وَأَرْبَعُونَ كَمَا يدل عَلَيْهِ ظَاهر الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، وَمن ذهب إِلَى نسخ مَجْمُوع الْخمسين لم يَجْعَل هَذِه الْخَمْسَة جُزْءا مِنْهَا (فِي) لَيْلَة (الْإِسْرَاء وإنكار الْمُعْتَزلَة إِيَّاه) أَي نسخ الْخمسين بعد وُجُوبهَا، وَكَذَا إِنْكَار جمهورهم الْمِعْرَاج (مَرْدُود بِصِحَّة النَّقْل) كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا مَعَ عدم إِحَالَة الْعقل لَهُ فإنكاره بِدعَة وضلالة. وَأما إِنْكَار الْإِسْرَاء من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى فَكفر ثمَّ هَذَا يَقْتَضِي جَوَاز النّسخ، بل وُقُوعه قبل التَّمَكُّن من الِاعْتِقَاد أَيْضا لِأَن المتمكن مِنْهُ فرع الْعلم بِوُجُوب الْخمسين، وَالْأمة لم يعلموها، كَذَا قيل، وَهُوَ مَدْفُوع بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمُكَلّفين وَقد علم ذَلِك وَهُوَ الأَصْل، وَالْأمة تبع لَهُ (وقلولهم) أَي المانعين (لَا فَائِدَة) فِي التَّكْلِيف بِالْفِعْلِ، لِأَن الْعَمَل بِالْبدنِ هُوَ الْمَقْصُود من شرع الْأَحْكَام العملية (مُنْتَفٍ بِأَنَّهَا) أَي الْفَائِدَة فِي التَّكْلِيف حِينَئِذٍ (الِابْتِلَاء للعزم) على الْفِعْل إِذا حضر وقته وتهيأت أَسبَابه (وَوُجُوب

<<  <  ج: ص:  >  >>