للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَو) فرض (أَن المتزوج مقلد) وَقد كَانَ صِحَة نِكَاحه مَبْنِيا على قَول مقلده (ثمَّ علم تغير اجْتِهَاد إِمَامه فالمختار كَذَلِك) أَي يحرم عَلَيْهِ كإمامه لِأَنَّهُ تبع لَهُ، وَقيل: لَا يحرم عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ قد بنى عمله على قَول الْمُجْتَهد كَمَا هُوَ وَظِيفَة الْعَاميّ، وَيجْعَل إِمَامه بعد التَّغَيُّر بِمَنْزِلَة مُجْتَهد آخر (وَلَو تغير اجْتِهَاده) أَي الْمُجْتَهد (فِي أثْنَاء صلَاته عمل فِي الْبَاقِي) من صلَاته (بِهِ) أَي بِاجْتِهَادِهِ الثَّانِي (وَالْأَصْل) فِي مَسْأَلَة تغير اجْتِهَاد الْمُجْتَهد (أَن تغيره كحدوث النَّاسِخ يعْمل بِهِ فِي الْمُسْتَقْبل والماضي) من عمله الْمَبْنِيّ على الِاجْتِهَاد الأول ثَابت مُسْتَمر (على الصِّحَّة).

[مسئلة]

تعرف بمسئلة التَّعْرِيض (فِي أصُول الشَّافِعِيَّة، الْمُخْتَار جَوَاز أَن يُقَال للمجتهد: احكم بِمَا شِئْت بِلَا اجْتِهَاد فَإِنَّهُ) أَي مَا حكمت بِهِ (صَوَاب). قَالَ ابْن الصّباغ، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم غير الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب بالمجتهد والبيضاوي والسبكي بالعالم وَالنَّبِيّ، فالعامي خَارج. وَقَالَ الْآمِدِيّ بِجَوَازِهِ فِي حق الْعَاميّ أَيْضا، وَمنعه غَيره: وَهَذَا القَوْل فِي حق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْوَحْي، وَفِي غَيره بإعلام النَّبِي أَو بالإلهام، وَقيل: يجوز للنَّبِي دون غَيره. وَذكر ابْن السَّمْعَانِيّ أَن كَلَام الشَّافِعِي فِي الرسَالَة يدل على هَذَا. وَقَالَ أَكثر الْمُعْتَزلَة لَا يجوز. وَقَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ أَنه الصَّحِيح (وَتردد الشَّافِعِي) فِي الْجَوَاز (ثمَّ) اخْتلف فِي الْوُقُوع على تَقْدِير الْجَوَاز (الْمُخْتَار عدم الْوُقُوع، وَاسْتَدَلُّوا للتردد بتأديته) أَي الْجَوَاز (إِلَى اخْتِيَار مَا لَا مصلحَة فِيهِ) لعدم التَّأَمُّل وَالِاجْتِهَاد الْموصل إِلَى معرفَة وُجُوه الْمصَالح (فَيكون بَاطِلا) لِأَن الشَّارِع لَا يرتضيه (وَهَذَا) الدَّلِيل (يصلح للنَّفْي) أَي نفي الْجَوَاز (لَا للتردد الْمَفْهُوم مِنْهُ الْوَقْف ثمَّ الْعجب مِنْهُ) أَي الشَّافِعِي كَيفَ تردد فِي الْجَوَاز (وَالْفَرْض) أَي الْمَفْرُوض فِي تَصْوِير المسئلة (قَول الله تَعَالَى) للمجتهد الْمَذْكُور (مَا تحكم بِهِ صَوَاب) وَالله يحكم مَا يَشَاء وَيفْعل مَا يُرِيد على أَنه يجوز أَن يصونه بعد هَذَا التَّفْوِيض عَن اخْتِيَار مَا لَا مصلحَة فِيهِ (وَلَا مَانع من) قبل (الْعقل، والأليق أَن تردده فِي الْوُقُوع) لَا فِي الْجَوَاز (كَمَا نقل عَنهُ الْوُقُوع) وَدَلِيله قَوْله تَعَالَى - {كل الطَّعَام كَانَ حلا لبني إِسْرَائِيل إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه}) فَإِنَّهُ لَا يحرم يَعْقُوب على نَفسه إِلَّا بتفويض التَّحْرِيم إِلَيْهِ وَإِلَّا يلْزم أَن يفعل مَا لَيْسَ لَهُ، وشأن النَّبِي يَأْبَى ذَلِك (أُجِيب) بِأَنَّهُ (لَا يلْزم كَونه) أَي تَحْرِيم إِسْرَائِيل (عَن تَفْوِيض لجوازه) أَي لجَوَاز كَونه صادرا (عَن اجْتِهَاد فِي) حكم (ظَنِّي) وَإسْنَاد التَّحْرِيم إِلَيْهِ كَمَا يُقَال: حرم أَبُو حنيفَة، وَالْحَاكِم هُوَ الله. (وَقد يُقَال لَو) كَانَ تَحْرِيمه (عَنهُ) أَي عَن اجْتِهَاد (لم يكن كُله) أَي كل الطَّعَام مقولا فِيهِ كَانَ (حلا)

<<  <  ج: ص:  >  >>