سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَة.
[مسئلة]
(وَلَا) ينْعَقد (بالشيخين) أبي بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِلَى آخر مَا ذكر آنِفا خلافًا لبَعْضهِم (لِأَن الْأَدِلَّة) المفيدة لحجية الْإِجْمَاع (توجب وَقفه) أَي تحقق الْإِجْمَاع (على غَيرهم) أَي غير أهل الْبَيْت فِي الصُّورَة الأولى وَغير الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة فِي الصُّورَة الثَّانِيَة، وَغير الشَّيْخَيْنِ فِي الثَّالِثَة. (وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقتدوا باللذين من بعدِي أبي بكر وَعمر) رَوَاهُ أَحْمد وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه، وَصَححهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم اسْتدلَّ بِهِ لِأَنَّهُ أَمر بالاقتداء بهما فَانْتفى عَنْهُمَا الْخَطَأ، وَلما لم يجب الِاقْتِدَاء بهما حَال اخْتِلَافهمَا وَجب حَال اتِّفَاقهمَا، وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين) المهديين عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ. رَوَاهُ أَحْمد وَغَيره، وَأَنَّهُمْ: أَبُو بكر، وَعمر، وَعُثْمَان، وَعلي كَمَا ذكره الْبَيْهَقِيّ وَغَيره، وَبَين دَلِيله. وَلما ألزمهم بالتمسك بسنتهم علم أَن الْخَطَأ مُنْتَفٍ عَنْهُمَا (أُجِيب) عَنهُ بِأَن الْحَدِيثين (يفيدان) (أَهْلِيَّة الِاقْتِدَاء) أَي أَهْلِيَّة الشَّيْخَيْنِ وَالْأَرْبَعَة لاتباع المقلدين لَهُم (لَا منع الِاجْتِهَاد) لغَيرهم من الْمُجْتَهدين ليَكُون قَوْلهم حجَّة عَلَيْهِم فَلَا يقدروا على مخالفتهم. (و) يرد (عَلَيْهِ) أَي على هَذَا الْجَواب (أَن ذَلِك) أَي أَهْلِيَّة الِاقْتِدَاء بهم (مَعَ إِيجَابه) أَي الِاقْتِدَاء يُفِيد منع الِاجْتِهَاد لغَيرهم وَلُزُوم اقتدائه بهم فَيكون قَوْلهم حجَّة على غَيرهم، وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوب (إِلَّا أَن يدْفع بِأَنَّهُ) أَي كلا مِنْهُمَا (آحَاد) أَي أَخْبَار آحَاد لَا يُفِيد إِلَّا الظَّن فَلَا يثبت بِهِ الْقطع بِكَوْن إجماعهما أَو إِجْمَاعهم حجَّة قَطْعِيَّة. (و) أُجِيب أَيْضا (بمعارضته بِأَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ، وخذوا شطر دينكُمْ عَن الْحُمَيْرَاء) أَي عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فَإِن هذَيْن الْحَدِيثين يدلان على جَوَاز لأخذ بقول كل صَحَابِيّ وَقَول عَائِشَة وَإِن خَالف قَول الشَّيْخَيْنِ أَو الْأَرْبَعَة (إِلَّا أَن الأول) أَي أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ: الحَدِيث (لم يعرف) لما قَالَه ابْن حزم فِي رسَالَته الْكُبْرَى مَكْذُوب مَوْضُوع بَاطِل وَإِلَّا فَلهُ طرق من رِوَايَة عمر وَابْنه وَجَابِر وَابْن عَبَّاس وَأنس بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة، أقربها إِلَى اللَّفْظ الْمَذْكُور مَا أخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَابْن عبد الْبر فِي كتاب الْعلم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مثل أَصْحَابِي مثل النُّجُوم يهتدى بهَا فَبِأَيِّهِمْ أَخَذْتُم بقوله اهْتَدَيْتُمْ ". نعم لم يَصح مِنْهَا شَيْء: قَالَه أَحْمد وَالْبَزَّار، والْحَدِيث الصَّحِيح يُؤَدِّي بعض مَعْنَاهُ، وَهُوَ حَدِيث أبي مُوسَى الْمَرْفُوع " النُّجُوم أَمَنَة السَّمَاء، فَإِذا ذهبت النُّجُوم أَتَى أهل السَّمَاء مَا يوعدون، وَأَنا أَمَنَة لِأَصْحَابِي، فَإِذا ذهبت أَتَى أَصْحَابِي مَا يوعدون، وأصحابي أَمَنَة لأمتي، فَإِذا ذهبت أَصْحَابِي أَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute