جُزْء مِنْهُ بل كل وَاحِد مِنْهَا يصدق عَلَيْهِ مَفْهُوم الضَّرْب مَوْجُود فِيهِ تَمام حَقِيقَته (وَإِن انْقَضى كثير من الْأَمْثَال) أَي من أَفْرَاد الضَّرْب الْمُمَاثلَة للموجود حَال الْإِطْلَاق (لَا يُقَال فَالْوَجْه حِينَئِذٍ) أَي حِين أُجِيب عَن أَدِلَّة الْمجَاز والحقيقة، وَلم يبْق لأَحَدهمَا رُجْحَان على الآخر من حَيْثُ الدَّلِيل (الْحَقِيقَة) أَي اخْتِيَارهَا (تَقْدِيمًا للتواطئ) وَهُوَ كَون اللَّفْظ مَوْضُوعا لما يعم الْمَعْنى الَّذِي هُوَ حَقِيقَة فِيهِ بِلَا شُبْهَة، وَالْمعْنَى الَّذِي فِيهِ شُبْهَة المجازية (على الْمجَاز) أَي المجازية (لَا التَّوَقُّف) أَي لَيْسَ الْوَجْه التَّوَقُّف (كظاهر بعض الْمُتَأَخِّرين) أَي كمفهوم ظَاهر كَلَام بَعضهم، وَهُوَ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب (لعدم لَازمه) أَي التواطئ تَعْلِيل لقَوْله: لَا يُقَال وَحَاصِله الِاسْتِدْلَال بِنَفْي اللَّازِم على نفي الْمَلْزُوم (وَهُوَ) أَي لَازمه (سبق الْأَحَد) أَي أحد الْأَمريْنِ: من الْمُثبت لَهُ الْمَعْنى قَائِما، والمثبت لَهُ منقضيا (الدائر) بَين الْأَمريْنِ الْمَذْكُورين، يَعْنِي لَو كَانَ الْوَصْف مَوْضُوعا لأحد الْأَمريْنِ لسبق إِلَى الْفَهم عِنْد إِطْلَاقه كَمَا هُوَ شَأْن الْمَوْضُوع لَهُ، لكنه لم يسْبق فَلَا وضع فَلَا تواطؤ (لسبقه) أَي الْمَعْنى إِلَى الْفَهم (بِاعْتِبَار الْحَال من نَحْو زيد قَائِم) وَسبق أحد الْأَمريْنِ بِعَيْنِه يسْتَلْزم عدم سبق أَحدهمَا لَا بِعَيْنِه، وَظَاهر هَذَا الْكَلَام أَن المُصَنّف رَحمَه الله: اخْتَار المجازية فِي مَحل النزاع، وَقد استبان بِمَا ذكر من التَّفْصِيل أَن مَحل النزاع الْوَصْف الَّذِي هُوَ مَظَنَّة لَا يكون إِلَّا حَقِيقَة بعد الِانْقِضَاء، بِخِلَاف مَا اعْتبر فِيهِ الاتصاف بِالْفِعْلِ اتِّفَاقًا، وَمَا اعْتبر فِيهِ عدم طريان المنافى وَالله أعلم.
الْفَصْل الثَّانِي
(فِي) تَقْسِيم الْمُفْرد بِاعْتِبَار (الدّلَالَة وظهورها وخفائها) فَهِيَ (تقسيمات) ثَلَاثَة
(التَّقْسِيم الأول) وَهُوَ تقسيمه بِاعْتِبَار الدّلَالَة نَفسهَا، التَّقْسِيم ضم قيود متباينة ذاتا أَو اعْتِبَارا إِلَى مَفْهُوم كلي بِحَيْثُ يحصل من انضمام كل قسيم، وَهُوَ قسيم بِالنِّسْبَةِ إِلَى الآخر (اللَّفْظ الْمُفْرد إِمَّا دَال بالمطابقة أَو التضمن أَو الِالْتِزَام) وَسَيَجِيءُ تَفْسِيرهَا (وَالْعَادَة) أَي عَادَة الْأُصُولِيِّينَ (التَّقْسِيم فِيهَا) أَي الدّلَالَة نَفسهَا، لَا الدَّال (ويستتبعه) أَي الدّلَالَة اللَّفْظ فِي الانقسام: أَي يَنْقَسِم اللَّفْظ تبعا للدلالة، وَإِنَّمَا عدل عَنْهَا لتَكون التقسيمات كلهَا للمفرد تسهيلا للضبط (وَالدّلَالَة كَون الشَّيْء) بِحَيْثُ (مَتى فهم فهم) مِنْهُ (غَيره فَإِن كَانَ التلازم) أَي لُزُوم فهم الْغَيْر لذَلِك فهم الشَّيْء، وملزومية ذَلِك الشَّيْء لفهم الْغَيْر الْمُسْتَفَاد من قَوْله مَتى فهم فهم الخ، وَالْمرَاد عدم الانفكاك لَا امْتِنَاعه (بعلة الْوَضع) بِسَبَب كَون ذَلِك الشَّيْء مَوْضُوعا لذَلِك الْغَيْر، أَو لما هُوَ جزؤه أَو لَازمه (فوضعية) أَي فالدلالة وضعية (أَو الْعقل) والتقابل بِاعْتِبَار اسْتِقْلَال الْعقل وَعَدَمه، وَإِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute