خطاب علق بالموجودين حكما فَإِنَّهُ يلْزم من بعدهمْ. وَقَالَت الْحَنَابِلَة وَأَبُو الْيُسْر من الْحَنَفِيَّة هُوَ) أَي الْخطاب الشفاهي (خطاب لَهُم) أَي لمن بعدهمْ أَيْضا (لنا الْقطع بِعَدَمِ التَّنَاوُل) أَي تنَاول الْخطاب الشفاهي لَهُم (لُغَة) على مَا هُوَ التَّحْقِيق. (قَالُوا: لم تزل عُلَمَاء الْأَمْصَار فِي الْأَعْصَار يستدلون بِهِ) أَي بِالْخِطَابِ الشفاهي (على الْمَوْجُودين) فِي أعصارهم، وَهُوَ إِجْمَاع لَهُم على الْعُمُوم (أُجِيب لَا يتَعَيَّن كَونه) أَي كَون الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَيْهِم (لتناولهم) أَي لتناول الْخطاب الْمَذْكُور إيَّاهُم (لجَوَاز كَونه) أَي استدلالهم بِهِ عَلَيْهِم (لعلمهم) أَي الْعلمَاء (بِثُبُوت حكم مَا تعلق بِمن قبلهم عَلَيْهِم) أَي على من بعدهمْ بِنَصّ، أَو إِجْمَاع، أَو قِيَاس (وَأما استدلالهم) أَي الْحَنَابِلَة بِأَنَّهُ (لَو لم يتَعَلَّق) الْخطاب الْمَذْكُور (بهم) أَي بِمن سيوجد (لم يكن) النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مُرْسلا إِلَيْهِم) إِذْ لَا معنى للإرسال إِلَيْهِم إِلَّا أَن يُقَال لَهُ بلغ أحكامي إِلَيْهِم، وَلَا تَبْلِيغ بِهَذِهِ العمومات (فَظَاهر الضعْف) للْمَنْع الظَّاهِر للملازمة الْمَذْكُورَة، إِذْ الْإِرْسَال إِلَيْهِم لَا يسْتَلْزم الْخطاب الشفاهي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكل، بل يتَحَقَّق بِحُصُول الْخطاب للْبَعْض، وللبعض بِنصب الدَّلَائِل على أَن حكمهم حكم الَّذِي شافههم (وَاعْلَم أَنه إِذا نصر الْخطاب فِي الْأَزَل للمعدوم) كَمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَة تَكْلِيف الْمَعْدُوم نَصره على مَا ذهب إِلَيْهِ الأشاعرة (وَمَعْلُوم أَن النّظم القرآني يُحَاذِي دلاله) أَي من حَيْثُ الدّلَالَة الْمَعْنى (الْقَائِم بِهِ تَعَالَى قوي قَوْلهم) أَي الْحَنَابِلَة جَوَاب إِذا، نقل عَن الْعَلامَة أَنه ذكر فِي الْكتب الْمَشْهُورَة أَن الْحق أَن الْعُمُوم مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ من دين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ وَهُوَ قريب (وَيُجَاب بِأَن التَّعَلُّق) أَي تعلق الْخطاب بالمعدومين (فِي الْأَزَل يدْخلهُ) أَي التَّعْلِيق الأزلي (معنى التَّعْلِيق على مَا عرف) من أَن مَعْنَاهُ أَن الْمَعْدُوم الَّذِي علم الله أَنه يُوجد مَطْلُوب مِنْهُ فِي الْأَزَل طلبا غير تنجيزي، بِمَعْنى أَنه إِذا وجد بِصفة التَّكْلِيف يَأْتِي بذلك الْفِعْل كَمَا تَجِد فِي نَفسك طلب صَلَاح ولد سيوجد، وَإِنَّمَا الْمُمْتَنع الطّلب التنجيزي من الْمَعْدُوم فِي صُورَة الْأَمر وَالنَّهْي على مَا تبين فِي مَحَله (وَالْكَلَام) أَي الْكَلَام المنازع فِيهِ إِنَّمَا هُوَ (فِي النّظم الْخَالِي عَنهُ) أَي عَن معنى التَّعْلِيق، وَهُوَ تَوْجِيه الْكَلَام اللَّفْظِيّ التنجيزي نَحْو الْغَيْر للتفهيم، وَهَذَا لَا بُد فِيهِ من وجود الْمُخَاطب، فَهَذَا يُقَوي قَول الْأَكْثَرين.
[مسئلة]
(الْمُخَاطب) بِالْكَسْرِ (دَاخل فِي عُمُوم مُتَعَلق خطابه عِنْد الْأَكْثَر: مثل) قَوْله تَعَالَى {(وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم، وَأكْرم من أكرمك وَلَا تهنه} فَالله عَالم بِذَاتِهِ}، والآمر الناهي إِذا أكْرم غَيره
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute