للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذِه الْآيَة بِاعْتِبَار ظَاهرهَا، وَدَلِيلنَا الدَّال على الْوُجُوب على الْجَمِيع فَإِن هَذِه تحْتَمل التَّأْوِيل بِخِلَاف ذَلِك، فَلَو حملناها على ظَاهرهَا لزم إِلْغَاء ذَلِك وَهُوَ أقوى. (وَاعْلَم أَنه إِذا قيل صَلَاة الْجِنَازَة وَاجِبَة) أَي فرض (على الْكِفَايَة) كَمَا صرح بِهِ بعض الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة وحكوا الْإِجْمَاع عَلَيْهِ (فقد يسْتَشْكل) بسقوطها (بِفعل الصَّبِي) الْمُمَيز كَمَا هُوَ الْأَصَح عِنْد الشَّافِعِيَّة (وَالْجَوَاب) عَن هَذَا الْإِشْكَال (بِمَا تقدم) من أَن الْمَقْصُود الْفِعْل، وَقد وجد (لَا يدْفع الْوَارِد من لفظ الْوُجُوب) يَعْنِي لَو لم يُوصف الْفِعْل بِالْوُجُوب كَذَا نقُول قد تحقق الْفِعْل، وَإِن لم يكن مَوْصُوفا بِالْوُجُوب لكنه ورد فِي الشَّرْع أَن الْمَطْلُوب فعل مَوْصُوف بِهِ، وَفعل الصَّبِي لَيْسَ كَذَلِك فَلم يتَحَقَّق الْمَطْلُوب.

[مسئلة]

(لَا يجب شَرط التَّكْلِيف) أَي تَحْصِيله (اتِّفَاقًا كتحصيل النّصاب) للتكليف بِوُجُوب الزَّكَاة (والزاد) أَي تَحْصِيله لوُجُوب الْحَج (وَأما مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْوَاجِب) حَال كَونه (سَببا) لَهُ إِمَّا (عقلا) أَي من حَيْثُ الْعقل (كالنظر) أَي تَرْتِيب الْمَعْلُومَة للتأدي إِلَى مَجْهُول فَإِنَّهُ سَبَب (للْعلم) وَالْمرَاد بِهِ الْعلم الْوَاجِب كالتصديق الإيماني (وَفِيه) أَي فِي كَون النّظر سَببا عقليا للْعلم (نظر) إِذْ هُوَ سَبَب عادي لَهُ، فَإِن استعقاب النّظر الْعلم بخلقه تَعَالَى إِجْرَاء الْعَادة عِنْد الْحَنَفِيَّة والأشاعرة (أَو شرعا) استعقاب (كالتلفظ) بِمَا يُفِيد الْعتْق فَإِنَّهُ سَبَب شرعا (لِلْعِتْقِ) الْوَاجِب بِنذر أَو كَفَّارَة أَو غَيرهمَا (أَو عَادَة كَالْأولِ) أَي النّظر للْعلم. وَقد عرفت (وخر الْعُنُق) للْقَتْل الْوَاجِب (أَو) حَال كَونه (شرطا) للْوَاجِب (عقلا كَتَرْكِ الضِّدّ) للْوَاجِب (أَو عَادَة كَغسْل جُزْء من الرَّأْس) لغسل الْوَجْه إِذْ لَا يتَحَقَّق غسل الْوَجْه عَادَة إِلَّا مَعَ غسل جُزْء من الرَّأْس (أَو شرعا) كَالْوضُوءِ للصَّلَاة (فالحنفية وَالْأَكْثَرُونَ) على أَن كل وَاحِد مِمَّا ذكر (وَاجِب بِهِ) أَي بِسَبَب وجوب ذَلِك الْوَاجِب المتوقف عَلَيْهِ (وَقيل) الْوُجُوب فِيمَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْوَاجِب مُسلم (فِي الشَّرْط الشَّرْعِيّ فَقَط) لَا فِي غَيره وَهُوَ مُخْتَار ابْن الْحَاجِب فِيمَا هُوَ مَقْدُور الْمُكَلف (وَقيل) مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْوَاجِب لَا يجب بِوُجُوبِهِ سَوَاء كَانَ مَقْدُورًا للمكلف أَولا (لَا فِي الشَّرْط و) لَا فِي (غَيره فيخطآن) أَي هَذَانِ الْقَوْلَانِ (للاتفاق على الْأَسْبَاب) أَي على أَن إِيجَاب الْمُسَبّب إِيجَاب لتَحْصِيل سَببه (إِلَّا أَن يُقَال التَّعَلُّق) للْإِيجَاب إِنَّمَا هُوَ (بهَا) أَي بالأسباب ابْتِدَاء (فَالْأَمْر بِالْقَتْلِ وَالْعِتْق يتَعَلَّق بالحز) للعنق (والتلفظ) بِصِيغَة الْعتْق (ابْتِدَاء) لَا بِنَفْي الْحَيَاة وَلَا بِإِزَالَة الرّقّ (إِذْ لَا تعلق بِغَيْر الْمَقْدُور) إِذْ التَّكْلِيف لَا يكون إِلَّا بِهِ، والمسببات قد لَا تكون مقدورة لنا كهذه بِخِلَاف مُبَاشرَة الْأَسْبَاب فَإِنَّهَا فِي وسع العَبْد ظَاهرا، فالمتعلق للْإِيجَاب حَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ السَّبَب وَإِن كَانَ وَسِيلَة للمسبب، فَهَذَا التَّأْوِيل

<<  <  ج: ص:  >  >>