للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قسيمة) أَي الْوَاجِب (مندرج مَعَه) أَي مَعَ الْوَاجِب (تَحت رجنسهما إِطْلَاق الْفِعْل) عطف بَيَان لجنسهما، وَهُوَ إِذن فِي الْفِعْل غير مُقَيّد بِالْإِذْنِ فِي التّرْك وَعَدَمه (لمبيانته) أَي الْمُبَاح للْوَاجِب (بفصله) أَي الْمُبَاح (إِطْلَاق التّرْك) فِيهِ كإطلاق الْفِعْل، إِذْ الْوَاجِب غير مُطلق التّرْك (وَتقدم) فِي مسئلة لاشك فِي تبادر كَون الصِّيغَة فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب مجَازًا (فِي) بحث (الْأَمر مَا يرشد إِلَيْهِ) أَي إِلَى كَونه مباينا لما قُلْنَا فَليرْجع إِلَيْهَا.

مَبْحَث الرُّخْصَة والعزيمة

(تَقْسِيم للحنفية: الحكم إِمَّا رخصَة وَهُوَ) أَي الرُّخْصَة (مَا) أَي حكم (شرع تَخْفِيفًا لحكم) آخر (مَعَ اعْتِبَار دَلِيله) أَي الحكم الآخر (قَائِم الحكم) لبَقَاء الْعَمَل بِهِ (لعذر خوف) فَوَات (النَّفس أَو الْعُضْو) وَلَو أُنْمُلَة، فَخرجت الْعَزِيمَة لِأَنَّهَا لم تشرع تَخْفِيفًا لحكم، بل شرعت ابْتِدَاء لَا بِعَارِض، وَمِنْهَا خِصَال الْكَفَّارَة الْمرتبَة وَالتَّيَمُّم عِنْد فقد المَاء (كإجراء الْمُكْره بذلك) مُتَعَلق بالمكره أَي بِمَا يحصل بِهِ خَوفه على نَفسه أَو عضوه (كلمة الْكفْر) على لِسَانه وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان، مفعول إِجْرَاء، (وجنايته) أَي الْمحرم الْمُكْره بذلك (على إِحْرَامه) سَوَاء كَانَت الْجِنَايَة الْإِفْسَاد أَو بِمَا يُوجب الدَّم كَمَا هُوَ الظَّاهِر من إِطْلَاقه (ورمضان) أَي وَجِنَايَة الصَّائِم فِي رَمَضَان صَحِيحا مُقيما مكْرها بذلك بالإفساد (وَترك الْخَائِف على نَفسه الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر، وَالصَّلَاة) الْمَفْرُوضَة مَعْطُوف على الْأَمر (وَتَنَاول الْمُضْطَر مَال الْغَيْر) مَعْطُوف على إِجْرَاء (وَهُوَ) أَي هَذَا النَّوْع من الرُّخْصَة (أَحَق نوعيها) أَي أولاهما حَقِيقَة باسم الرُّخْصَة لقِيَام دَلِيل الْعَزِيمَة فِيهِ، وَقيام حكمه من غير دَلِيل دَال على تراخيه عَنهُ، وَكلما قوي جَانب الْعَزِيمَة قوي فِي جَانب خِلَافه معنى الرُّخْصَة المثبتة عَن كَونه معدولا إِلَيْهِ عَن الأَصْل للضَّرُورَة، وَحِينَئِذٍ (فالعزيمة) أَي الْعَمَل بالعزيمة (أولى) لما ذكر من قيام دليلها، وَبَقَاء حكمهَا من غير مُوجب للتراخي (وَلَو مَاتَ بِسَبَبِهَا) أَي الْعَزِيمَة فإمَّا قيام دَلِيل وجوب الْإِيمَان إِلَى آخِره فَلِأَنَّهُ قَطْعِيّ لَا يتَصَوَّر تراخي حكمه عَنهُ عقلا وَلَا شرعا فيدوم بدوامه، وَإِنَّمَا رخص فِي إِجْرَاء تِلْكَ الْكَلِمَة فِي تِلْكَ الْحَالة لِئَلَّا يفوت حَقه صُورَة وَمعنى بتخريب الْبدن، وزهوق الرّوح مَعَ أَن حق الله لَا يفوت معنى لاطمئنان الْقلب بِالْإِيمَان غير أَن الْعَزِيمَة أولى لما فِيهِ من رِعَايَة تَعْظِيم الله تَعَالَى صُورَة وَمعنى، وَحُصُول الشَّهَادَة، والْآثَار فِي هَذَا كَثِيرَة شهيرة، وعَلى هَذَا الْقيَاس قيام دَلِيل النَّافِي وَبَقَاء حكمه من غير تراخ، وأولوية الْعَزِيمَة فِيهِ على مَا تبين فِي مَحَله وَقَالُوا فِي حُرْمَة أكل الْميتَة وَلحم الْخِنْزِير، وَشرب الْخمر إِمَّا فِي حَالَة الِاخْتِيَار، وَإِمَّا فِي حَالَة الِاضْطِرَار فَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>