إِن كَانَ من قبيل سُقُوط سهم الْمُؤَلّفَة، وَأما النزاع لَفْظِي إِن لم يَجْعَل من قبيله (لنا نسخه) أَي حكم الأَصْل (بِرَفْع اعْتِبَار كل عِلّة لَهُ) أَي لحكم الأَصْل (وَبهَا) أَي وبعلة الأَصْل (ثَبت حكم الْفَرْع فينتفى) بانتفائها (فَقَوْل المبقين) أَيْضا هَذَا أَي الحكم لحكم (الْفَرْع للدلالة لَا للْحكم) أَي لحكم الأَصْل (وَلَا يلْزمه) أَي كَونه تَابعا لدلَالَة الأَصْل (انتفاؤه) أَي انْتِفَاء حكم الْفَرْع (لانتفائه) أَي حكم الأَصْل (وَقَوْلهمْ هَذَا) أَي الحكم بِأَن حكم الْفَرْع لَا يبْقى مَعَ نسخ حكم الأَصْل (حكم يرفع حكم الْفَرْع قِيَاسا على رفع حكم الأَصْل وَهُوَ) أَي هَذَا الْقيَاس (بِلَا جَامع) بَينهمَا مُوجب للرفع (بعد عَظِيم) كَمَا هُوَ ظَاهر مِمَّا تقدم.
[مسئلة]
مَذْهَب الْحَنَفِيَّة والحنابلة وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَغَيره أَنه (لَا يثبت حكم النَّاسِخ) فِي حق الْأمة (بعد تبليغه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) من إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْمَفْعُول، فالمبلغ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام (قبل تبليغه) من الْإِضَافَة إِلَى الْفَاعِل فالمبلغ (هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وتأكيد الْمَجْرُور بالمرفوع بِاعْتِبَار كَونه فَاعِلا معنى على أَنه يجوز فِي الضمائر وضع الْمَرْفُوع مَوضِع الْمَجْرُور والمنصوب وَنَحْوه، وَقيل يثبت، وَالْخلاف فِيمَا نزل إِلَى الأَرْض، وَأما إِذا بلغ جِبْرِيل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السَّمَاء كَمَا فِي لَيْلَة الْمِعْرَاج فَلَا خلاف فِيهِ (لِأَنَّهُ) أَي ثُبُوته (يُوجب تَحْرِيم شَيْء ووجوبه فِي وَقت) وَاحِد، إِذْ وجوب الْمَنْسُوخ بَاقٍ على الْمُكَلف قبل بُلُوغ النّسخ فِي صُورَة تقدم الْوُجُوب، وتحريمه بَاقٍ عَلَيْهِ فِي سُورَة التَّحْرِيم (لِأَنَّهُ لَو ترك الْمَنْسُوخ قبل تمكنه من علمه) بالناسخ (أَثم) بِالْإِجْمَاع إِنَّمَا قَالَ قبل تمكنه من الْعلم وَلم يقل قبل علمه إِشَارَة إِلَى أَنه لَو ترك قبل الْعلم بعد التَّمَكُّن مِنْهُ لأثم بالتقصير فِي تَحْصِيله (وَهُوَ) أَي الْإِثْم على تَقْدِير التّرْك (لَازم الْوُجُوب) فَكَانَ الْعَمَل بِهِ وَاجِبا (وَالْفَرْض أَنه) أَي الْعَمَل بِهِ (حرَام) بالناسخ فَكَانَ وَاجِبا حَرَامًا فِي وَقت وَاحِد (وَلِأَنَّهُ لَو علمه) أَي مُوجب النّسخ (غير مُعْتَقد شرعيته لعدم علمه) بِكَوْنِهِ نَاسِخا للْأولِ (أَثم) بِعِلْمِهِ اتِّفَاقًا (فَلم يثبت حكمه) أَي النَّاسِخ وَهَذَا التَّعْلِيل مَعْطُوف على التَّعْلِيل الأول لَا الثَّانِي، لِأَنَّهُ يثبت عدم ثُبُوت حكم النَّاسِخ لَا اجْتِمَاع التَّحْرِيم وَالْوُجُوب (وَأَيْضًا لَو ثَبت) حكمه (قبله) أَي قبل تبليغه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأمة (ثَبت) حكمه (قبل تَبْلِيغ جِبْرِيل) النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لاتحادهما) أَي الصُّورَتَيْنِ (فِي وجود النَّاسِخ) فِي نفس الْأَمر (الْمُوجب لحكمه) أَي النَّاسِخ (مَعَ عدم تمكن الْمُكَلف من علمه) أَي النَّاسِخ (وَقد يُقَال) على الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلين (الْإِثْم) إِنَّمَا هُوَ (لقصد الْمُخَالفَة) للمشروع عِنْده (مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute