الِاعْتِقَاد) للمخالفة (فيهمَا) أَي الْوَجْهَيْنِ (لَا لنَفس الْفِعْل) كَمَا فِي من وطئ امْرَأَته يَظُنهَا أَجْنَبِيَّة فَإِنَّهُ لَا يَأْثَم بِالْوَطْءِ بل بالجراءة عَلَيْهِ (وَلَا نؤثمه) بترك الْعَمَل بالناسخ (قبل تمكن الْعلم) بالناسخ لعدم لُزُوم الِامْتِثَال قبل التَّمَكُّن: يَعْنِي لم لَا يجوز أَن يكون حكم النَّاسِخ ثَابتا فِي نفس الْأَمر وَيكون إِثْم التّرْك لما ذكر، لَا لِأَنَّهُ لَو ترك مَا هُوَ الْوَاجِب عَلَيْهِ: أَي الْمَنْسُوخ، وإثم الْفِعْل أَيْضا لذَلِك لَا لِأَنَّهُ فعل الْمحرم، ثمَّ أَشَارَ إِلَى فَائِدَة اعْتِبَار ثُبُوت الحكم الْمَذْكُور مَعَ عدم التأثيم بِالتّرْكِ بقوله (إِنَّمَا يُوجب) بِاعْتِبَار ثُبُوت حكمه (التَّدَارُك) بِالْقضَاءِ فِيمَا يُمكن التَّدَارُك (كَمَا لَو لم يعلم بِدُخُول الْوَقْت) الَّذِي عين للموقت كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم (وَخُرُوجه) فَإِن الشَّرْع يعْتَبر الْوُجُوب بِدُخُولِهِ مَعَ عدم إِمْكَان الْأَدَاء لمصْلحَة الْقَضَاء إِذا علم فِيمَا بعد أَنه فَاتَهُ الْأَدَاء، ثمَّ أَشَارَ إِلَى جَوَاب النَّقْض بقوله أَيْضا الخ فَقَالَ (وَالْفرق) بَين مَا قبل تَبْلِيغ جِبْرِيل وَمَا بعده (أَن مَا قبل تَبْلِيغ جِبْرِيل) هِيَ حَالَة للناسخ (قبل التَّعَلُّق) أَي قبل تعلقه بِفعل الْمُكَلف (أَن شَرطه) أَي شَرط تعلقه بِفِعْلِهِ (أَن يبلغ وَاحِدًا) من الْمُكَلّفين، وَلم يُوجد إِذْ ذَاك، بِخِلَاف مَا بعد التَّبْلِيغ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ مِنْهُم، فبمجرد بُلُوغه حصل الشَّرْط، وَأَيْضًا لَا يتَمَكَّن غَيره من الْعلم إِلَّا بعد الْبلُوغ إِذْ لَا يُمكن تلقيهم من جِبْرِيل (قَالُوا) أَي الْقَائِلُونَ بِثُبُوت حكم النَّاسِخ فِي حكم الْأمة إِذا بلغ النَّبِي قبل أَن يبلغ الْأمة (حكم تجدّد) تعلقه وَظهر (فَلَا يعْتَبر الْعلم بِهِ) أَي لَا يتَوَقَّف ثُبُوته فِي حق الْأمة على وَاحِد مِنْهُم (للاتفاق على عدم اعْتِبَاره) أَي الْعلم بِهِ (فِيمَن لم يُعلمهُ) من الْأمة (بعد بُلُوغه وَاحِدًا) مِنْهُم فِي ثُبُوت الحكم عَلَيْهِ، فَكَذَا هَذَا فَثَبت فِي حق الْأمة إِذا بلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن لم يبلغهم (قُلْنَا بِبُلُوغِهِ وَاحِدًا حصل التَّمَكُّن) من الْعلم (وَلذَا) أَي ولحصول التَّمَكُّن ببلوغ الْوَاحِد (شرطناه) أَي بُلُوغ الْوَاحِد فِي تعلق الحكم فِي حق الْجَمِيع (بِخِلَاف مَا قبله) أَي قبل بُلُوغ الْعلم وَاحِد من الْأمة (فَافْتَرقَا) أَي صُورَة بُلُوغ الْعلم وَاحِدًا من الْأمة، وَصُورَة عَدمه، وَفِيه أَن الِاشْتِرَاط للتمكن من الْعلم، وَهُوَ حَاصِل ببلوغ الْعلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي الأَرْض، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَقد يُقَال النَّبِي) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ذَلِك) الْوَاحِد (فبه) أَي بِبُلُوغِهِ (يحصل التَّمَكُّن) لَهُم من الْعلم بِهِ، وَلما أورد على دَلِيل مَا ذهب إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّة مَا أَفَادَهُ بقوله، وَقد يُقَال إِلَى آخِره قَالَ (فَالْوَجْه) فِي الِاسْتِدْلَال لنفي ثُبُوت حكم النَّاسِخ بعد تبليغه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل تبليغه هُوَ (السّمع) وَهُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف فِي حجَّة الْوَدَاع، فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله لم أشعر فحلقت قبل أَن أذبح قَالَ " اذْبَحْ وَلَا حرج " فساقه إِلَى أَن قَالَ فسائل يَوْمئِذٍ عَن شَيْء قدم وَلَا أخر إِلَّا قَالَ (افْعَل وَلَا حرج) بِنَاء (على) قَول (أبي حنيفَة) بِوُجُوب التَّرْتِيب بَين تِلْكَ الْمَنَاسِك حَتَّى يجب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute