للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقسم الثَّالِث

من أَقسَام الْوَاجِب الْمُقَيد بِالْوَقْتِ وَاجِب، وَفِيه (معيار لَا سَبَب كالنذر الْمعِين) أَي نذر صَوْم يَوْم معِين فَإِن السَّبَب فِيهِ النّذر لَا الْوَقْت (فإدراج) النّذر (الْمُطلق وَالْكَفَّارَة وَالْقَضَاء فِيهِ) أَي فِي هَذَا الْقسم كَمَا فعل الْبَزْدَوِيّ والسرخسي (غير صَحِيح، لِأَن الْأَمر فِيهَا مُطلق لَا مُقَيّد بِالْوَقْتِ فَلَا يشْتَرط نِيَّة التَّعْيِين) لَهُ فالخروج عَن عُهْدَة النّذر (للتعين) أَي لتعيين الْوَقْت لَهُ (شرعا) فيتأدّى بِمُطلق النِّيَّة، وَنِيَّة النَّفْل إِلَّا فِي رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله على مَا فِي الْمُحِيط وَلَا يتأدّى بنية وَاجِب آخر، بل يَقع فِيهِ عَمَّا نوى بِلَا خلاف، بِخِلَاف رَمَضَان لِأَن ولَايَة العَبْد قَاصِرَة فَلهُ إبِْطَال مَاله وَهُوَ صلاحيته للنفل، وَلَيْسَ لَهُ إبِْطَال مَا عَلَيْهِ وَهُوَ صلاحيته للواجبات وَللَّه تَعَالَى الْولَايَة الْكَامِلَة فَلهُ إبِْطَال مَا للْعَبد وَمَا عَلَيْهِ، فَأبْطل صلاحيته لغير فرض رَمَضَان نفلا وواجبا. وَفِي الشَّرْح هَهُنَا مناقشات وأجوبة طويناها (بِخِلَاف مَا أدرجوه) من النّذر الْمُطلق وَالْكَفَّارَة وَالْقَضَاء فَإِنَّهُ لَا بُد فِيهِ من التَّعْيِين لَيْلًا قبل طُلُوع الْفجْر لعدم تعين الزَّمَان.

الْقسم الرَّابِع

من أَقسَام الْوَاجِب الْمَذْكُور وَاجِب وقته (ذُو شبهين) شبه (بالمعيار والظرف) أَي وَشبه بالظرف، وَهُوَ (وَقت الْحَج لَا يسع فِي عَام سوى) حج (وَاحِد) فَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة يشبه المعيار كالنهار للصَّوْم فَإِنَّهُ لَا يسع إِلَّا صوما وَاحِدًا (وَلَا يسْتَغْرق فعله) أَي الْحَج (وقته) أَي جَمِيع أَجزَاء وقته كاستغراق الصَّوْم النَّهَار، وَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة يشبه الظّرْف (وَالْخلاف فِي تَعْيِينه) أَي تعْيين وجوب أَدَائِهِ (من أول سني الْإِمْكَان) أَي إِمْكَان أَدَائِهِ بِحُصُول شَرَائِط وجوب أَدَائِهِ من الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَغَيرهمَا (عِنْد أبي يُوسُف) فَيجب على الْفَوْر عِنْده، وَكَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله، كَذَا ذكره الشَّارِح. وَكَأن المُصَنّف رَحمَه الله لم يجد نقلا صَرِيحًا عَنهُ فَلهَذَا لم يعز إِلَيْهِ (خلافًا لمُحَمد) رَحمَه الله حَيْثُ قَالَ: يجب على التَّرَاخِي إِلَّا إِذا غلب على ظَنّه الْفَوات إِذا أخر، فَحِينَئِذٍ لَا يحل لَهُ التَّأْخِير وَيصير مضيقا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ هَذَا الْخلاف مَبْنِيا على اخْتِلَافهمَا وَأَن الْأَمر الْمُطلق عَن الْوَقْت يُوجب الْفَوْر عِنْد أبي يُوسُف فَأوجب الْحَج مضيقا وَلَا يُوجِبهُ عِنْد مُحَمَّد فأوجبه موسعا كَمَا ذهب إِلَيْهِ بعض الْمَشَايِخ كالكرخي فَإِن الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّة الْمَشَايِخ اتِّفَاقهمَا على أَن الْأَمر الْمُطلق لَا يُوجب الْفَوْر، بل الْخلاف بَينهمَا فِي الْحَج (ابتدائي) فَأَبُو يُوسُف قَالَ على الْفَوْر (للِاحْتِيَاط عِنْده) لِأَن الْعَام الأول مَوْجُود يَقِينا، وَالْعَام الثَّانِي وجوده مَشْكُوك فِيهِ فالتأخير يَجعله فِي معرض الْفَوات، وَهُوَ غير جَائِز، ثمَّ أكد هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>