أَي هَذَا التَّوْجِيه (مغلطة لِأَن التَّعْيِين عَلَيْهِ) أَي الْمُكَلف: يَعْنِي التَّعْيِين الَّذِي نَفَاهُ عَن الْمُسَافِر بقوله وَلَا تعْيين عَلَيْهِ كشعبان (لَيْسَ تعْيين الْوَقْت) على مَا سنفسره (ليندرج) تعْيين الْوَقْت (فِيهِ) أَي فِي نفي مَا نفيناه: يَعْنِي لَو كَانَ تعْيين الْوَقْت مِمَّا نفيناه لَكَانَ يَشْمَلهُ النَّفْي (وينتفي بانتفائه) لكنه لَيْسَ مِنْهُ، ثمَّ فسرهما على وَجه يُمَيّز أَحدهمَا عَن الآخر بقوله (بل مَعْنَاهُ) أَي التَّعْيِين الَّذِي أَثْبَتْنَاهُ (فِي حَقه) أَي الْمُكَلف إِن لم يكن مُسَافِرًا، ونفيناه عَنهُ إِن كَانَ مُسَافِرًا (إِلْزَامه صَوْم الْوَقْت) على وَجه لَا مخلص لَهُ عَنهُ إِن لم يكن مُسَافِرًا أَو مَرِيضا (وَعَدَمه) أَي عدم إِلْزَامه إِيَّاه الَّذِي شرع فِي حَقه عِنْد السّفر (يصدق بتجويز الْفطر) يَعْنِي عدم الْإِلْزَام الْمَذْكُور يتَحَقَّق بِمُجَرَّد تجويزنا لَهُ الْفطر من غير أَن نجوز لَهُ صوما آخر (وَتَعْيِين الْوَقْت) أَي نَفينَا عَن التَّعْيِين الْمَذْكُور مَعْنَاهُ (أَن لَا يَصح فِيهِ) أَي فِي الْوَقْت (صَوْم آخر) وَلَا شكّ أَن إِلْزَام صَوْم الْوَقْت مُسْتَلْزم عدم صِحَة صَوْم آخر من غير عكس: إِذْ يجوز أَن لَا يجوز فِي الْوَقْت صَوْم آخر وَيجوز الْفطر، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَجَاز اجْتِمَاع عدم التَّعْيِين) بِمَعْنى الْإِلْزَام الْمَذْكُور (عَلَيْهِ بتجويز الْفطر مَعَ) وجود (تعْيين الْوَقْت بِأَن لَا يَصح فِيهِ) أَي فِي الْوَقْت (صَوْم غَيره) أَي غير فرض الْوَقْت (لَو صَامَهُ) أَي لَو نوى صِيَام ذَلِك الْغَيْر (فَلم يلْزم من نفي التَّعْيِين عَلَيْهِ) بِمَعْنى الْإِلْزَام (نفي تعْيين الْوَقْت) بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور (وحقق فِي الْمَرِيض تَفْصِيل بَين أَن يضرّه) الصَّوْم ككون مَرضه حمى مطبقة، أَو وجع الرَّأْس، أَو الْعين: كَذَا ذكره الشَّارِح (فَتعلق الرُّخْصَة) بتجويز الْفطر فِي حَقه (بخوف الزِّيَادَة) للمرض (فكالمسافر) فَهَذَا الْمَرِيض كالمسافر فِي تعلق الرُّخْصَة فِي حَقه بعجز مُقَدّر لَا بِحَقِيقَة الْعَجز، وَفِي قوع صَوْمه عَمَّا نَوَاه. قَالَ الشَّارِح: وعَلى هَذَا يحمل مَا مَشى عَلَيْهِ صَاحب الْهِدَايَة وَأكْثر مَشَايِخ بُخَارى من أَن الْمَرِيض إِذا نوى وَاجِبا آخر أَو النَّفْل يَقع عَمَّا نَوَاه كَمَا هُوَ رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة (و) بَين (أَن لَا) يضرّهُ الصَّوْم (كفساد الهضم) والأمراض الرطوبية (فبحقيقتها) أَي فَتعلق الرُّخْصَة بِحَقِيقَة الْمَشَقَّة الَّتِي هِيَ الْعَجز (فَيَقَع) مَا نَوَاه هَذَا الْمَرِيض من الْغَيْر (عَن فرض الْوَقْت) إِذْ لم يهْلك بِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يظْهر أَنه لم يكن عَاجِزا فَلم يثبت لَهُ التَّرَخُّص فَكَانَ كَالصَّحِيحِ، هَذَا وَنقل الشَّارِح إِجْمَاع من يعتدّ بإجماعه على أَن الْمَرَض الْمُبِيح للفطر مَا يضر بِسَبَبِهِ الصَّوْم على اخْتِلَاف فِيهِ، وَأَدْنَاهُ الازدياد والامتداد، وَأَعلاهُ الْهَلَاك، فَالَّذِي لَا يضرّ بِسَبَبِهِ الصَّوْم لَا يُبِيح الْفطر إِجْمَاعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute