للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا الْفرق لَا يصحح الْإِلْحَاق (وَإِن ثبتَتْ) علية الأول (بِالنَّصِّ ثمَّ عقلت مناسبتها) أَي مُنَاسبَة تِلْكَ الْعلَّة للْحكم (وَوجدت) تِلْكَ الْمُنَاسبَة (فِيمَا) أَي فِي وصف (لم ينص عَلَيْهِ) أَي على عليته (فَكَذَلِك) أَي كَانَ مَا لم ينص عَلَيْهِ عِلّة بطرِيق الْأَصَالَة (للاستقلال) أَي استقال الْمُنَاسبَة بِإِثْبَات علية مَا تحققت فِيهِ (وَحَاصِله) أَي هَذَا التَّعْلِيل (حِينَئِذٍ ثُبُوت علية وصف بِالنَّصِّ. و) ثُبُوت علية وصف (آخر بالمناسبة) الَّتِي كَانَ علية الأول باعتبارها، وَلَا يَنْبَغِي أَن يَقع فِي مثله خلاف فَتَأمل. (فَالْوَجْه أَن يقصر الْخلاف على مثل حمل عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ) أَي الضَّابِط فِي مثل حمله: يَعْنِي قِيَاسه (أَن ينص على عِلّة منضبطة بِنَفسِهَا) لَا بِمَا يُقَام مقَامهَا (فَيلْحق بهَا) أَي بِتِلْكَ الْعلَّة (مَا تصلح) أَن تكون (مَظَنَّة لَهَا) أَي لتِلْك الْعلَّة (فَيثبت مَعهَا) أَي مَعَ المظنة (حكم المنصوصة كَمَا ألحق) عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ (الشّرْب) أَي شرب الْخمر (بِالْقَذْفِ) فِي الْحَد بِهِ ثَمَانِينَ (بِجَامِع الافتراء) بَينهمَا (لكَونه) أَي شربهَا (مظنته) أَي الافتراء، فالافتراء وَهُوَ نِسْبَة الْمُحصن إِلَى الزِّنَا عِلّة للحد منضبطة بِنَفسِهَا، وَهُوَ ظَاهر، وَقد نَص على علته فِي الْكتاب وَالسّنة، وَشرب الْخمر مَظَنَّة الافتراء وإلحاق الشّرْب بِالْقَذْفِ بِجَامِع الافتراء يسلتزم إِلْحَاق الافتراء المظنون بالافتراء الْمُتَيَقن فِي الْعلية للحد، فَمثل هَذَا يُقَال فِيهِ إِثْبَات الْعلية بِالْقِيَاسِ، وللخلاف فِيهِ وَجه ظَاهر للتفاوت الْبَين بَين الافتراء الْمُحَقق والمظنون، وَلذَا قَالَ فَالْوَجْه إِلَى آخِره.

[مسئلة]

قَالَ (الْحَنَفِيَّة لَا تثبت بِهِ) أَي بِالْقِيَاسِ (الْحُدُود لاشتمالها) أَي الْحُدُود (على تقديرات لَا تعقل) كعدد الْمِائَة فِي الزِّنَا والثمانين فِي الْقَذْف، فَإِن الْعقل لَا يدْرك الْحِكْمَة فِي اعْتِبَار خُصُوص هَذَا الْعدَد، وَالْقِيَاس فرع تعقل الْمَعْنى فِي حكم الأَصْل (وَمَا يعقل) مَعْنَاهُ من الْحُدُود (كالقطع) ليد السَّارِق لجنايتها بِالسَّرقَةِ، وَزِيَادَة اختصاصها فِي الْأَخْذ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي الْأَعْضَاء (فللشبهة) أَي فَلَا يثبت بِالْقِيَاسِ لمَكَان الشُّبْهَة فِي الْقيَاس لاحْتِمَاله الْخَطَأ، وَالْحُدُود تدرأ بِالشُّبُهَاتِ كَمَا نطق بِهِ الحَدِيث، وَقد سبق فِي مسئلة: خبر الْوَاحِد فِي الْحَد مَقْبُول. وَقَالَ غير الْحَنَفِيَّة يثبت بِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (قَالُوا: أَدِلَّة الْقيَاس) الدَّالَّة على حجتيه (معممة) حجيته للحدود وَغَيرهَا فَيجب الْعَمَل بِمُوجب تعميمها (قُلْنَا) عُمُوم حجيته إِنَّمَا هُوَ (فِي مُسْتَكْمل الشُّرُوط اتِّفَاقًا) أَي فِي قِيَاس استجمع جَمِيع الشُّرُوط الْمُعْتَبرَة فِي صِحَة الْقيَاس بالِاتِّفَاقِ وَمَا يَقع فِي الْحُدُود من الْقيَاس وَلَيْسَ بمستكمل لَهَا، فَإِن من الشُّرُوط أَن يكون حكم الأَصْل مَعْقُول

<<  <  ج: ص:  >  >>