وَإِن لم يكن بَالغا وَقت التَّحَمُّل (لإنفاقهم) أَي الصَّحَابَة وَغَيرهم (على) قبُول رِوَايَة (ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير والنعمان ابْن بشير وَأنس بِلَا استسفار) عَن الْوَقْت الَّذِي تحملوا فِيهِ مَا يَرْوُونَهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. جَاءَ فِي صَحِيح البُخَارِيّ مَا يدل على أَن ابْن عَبَّاس أدْرك فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير أَنه تحمل صَغِيرا وَأدّى كَبِيرا، فقد قيل لَهُ أشهدت الْعِيد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ نعم، وَلَوْلَا مَكَاني مِنْهُ مَا شهدته من الصغر، رَوَاهُ البُخَارِيّ، توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسن ابْن الزبير والنعمان دون الْعشْر، وَاتفقَ أهل السبر وَالْأَخْبَار وَمن صنف أَن ابْن الزبير أول مَوْلُود فِي الْإِسْلَام فِي الْمَدِينَة من قُرَيْش، ولد فِي السّنة الثَّانِيَة، والنعمان من أقرانه، وَهُوَ أول مَوْلُود فِي الْأَنْصَار بعد الْهِجْرَة، وَأما أنس فَكَانَ ابْن عشر سِنِين لما قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وعرضته أمه على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لخدمته فَقبله، وَتُوفِّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن عشْرين سنة. وَقد روى لَهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألفا حَدِيث وَمِائَتَا حَدِيث وَسِتَّة وَثَمَانُونَ حَدِيثا (فَبَطل الْمَنْع) أَي منع قبُوله لكَون الصغر مَظَنَّة عدم الضَّبْط والتحرير. (وَأما إسماعهم الصّبيان) للْحَدِيث كَمَا جرت بِهِ عَادَة السّلف وَالْخلف (فَغير مُسْتَلْزم) قبُول رِوَايَته بعد الْبلُوغ أَلْبَتَّة، لجَوَاز أَن يكون ذَلِك للتبرك (وَقبل الْمُرَاهق شذوذ مَعَ تحكيم الرَّأْي) فَإِذا وَقع فِي ظن السَّامع صدقه قبل رِوَايَته فِي الْمُعَامَلَات والديانات (قُلْنَا: الْمُعْتَمد الصَّحَابَة وَلم يرجِعوا إِلَيْهِ) أَي الصَّحَابَة إِلَى الْمُرَاهق (واعتماد أهل قبَاء على أنس أَو ابْن عمر لسن الْبلُوغ) هَذَا جَوَاب شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ عَن الْقَائِلين بِقبُول رِوَايَة الصَّبِي فِي بَاب الدّين بِحَدِيث أهل قبَاء حَيْثُ قَالُوا أَن عبد الله بن عمر أَتَاهُم وَأخْبرهمْ بتحويل الْقبْلَة إِلَى الْكَعْبَة وهم كَانُوا فِي الصَّلَاة فاستداروا كَهَيْئَتِهِمْ، وَكَانَ يَوْمئِذٍ صَغِيرا لِأَنَّهُ عرض عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة سنة، وتحويل الْقبْلَة كَانَ قبل بدر بشهرين، فقد اعتمدوا خَبره فِيمَا لَا يجوز الْعَمَل بِهِ إِلَّا بِعلم، وَهُوَ الصَّلَاة وَلم يُنكر عَلَيْهِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: وَلَكنَّا نقُول أَن الَّذِي أَتَاهُم أنس بن مَالك، وَقد روى أَنه عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ فَإنَّا نحمل على أَنَّهُمَا جَاءَ أَحدهمَا بعد الآخر وأخبرا بذلك، فَإِنَّمَا تحولوا معتمدين على رِوَايَة الْبَالِغ وَهُوَ أنس، أَو ابْن عمر كَانَ بَالغا يَوْمئِذٍ، وَإِنَّمَا رده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لضعف بنيته، لَا لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرا انْتهى. وَقَالَ الْأَتْقَانِيّ: أَن الْمخبر لم يكن ابْن عمر، وَإِنَّمَا هُوَ رَاوِي أخباره، وَأَنه عرض يَوْم أحد وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة سنة، وَلم يجزه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعرض يَوْم الخَنْدَق وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة فَأَجَازَهُ: ذكره البُخَارِيّ فِي صَحِيحه، وَأَن تَحْويل الْقبْلَة كَانَ بعد الْهِجْرَة لسِتَّة