للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَازَ أَن يكون الْحق مَعَه، وَصَحَّ أَن الْحق لم يتعداهم (أَو إِكْرَاما لَهُم) مَعْطُوف على غير مَعْقُول يَعْنِي أَو مَعْقُول لُزُوم إصابتهم لكَونه إِكْرَاما للْكُلّ، وَالْأَكْثَر لَيْسَ بِكُل، (واستدلال المكتفي بِالْأَكْثَرِ) فِي انْعِقَاد الْإِجْمَاع قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(يَد الله مَعَ الْجَمَاعَة، فَمن شَذَّ شَذَّ فِي النَّار مفاده منع الرُّجُوع بعد الْمُوَافقَة) أَي الْمُخَالفَة، لِأَنَّهُ مَأْخُوذ (من شَذَّ الْبَعِير) وند إِذا توحش بعد مَا كَانَ أهليا، فالشاذ من خَالف بعد الْمُوَافقَة، لَا من لَا يُوَافق ابْتِدَاء، وَإِذا عرفت أَنه لَيْسَ المُرَاد بِمن شَذَّ الْأَقَل فِي مُقَابلَة الْأَكْثَر ليَكُون المُرَاد من الْجَمَاعَة الْأَكْثَر (فالجماعة) الْمَذْكُورَة فِي قَوْله يَد الله مَعَ الْجَمَاعَة (الْكل وَكَذَا السوَاد الْأَعْظَم) الْمَذْكُور فِي عَلَيْكُم بِالسَّوَادِ الْأَعْظَم الْكل إِذْ هُوَ أعظم مِمَّا دونه، وَإِنَّمَا وَجب الْحمل عَلَيْهِ تَوْفِيقًا بَين الْأَدِلَّة (و) اسْتِدْلَال المكتفى بِالْأَكْثَرِ (باعتماد الْأمة عَلَيْهِ) أَي على إِجْمَاع الْأَكْثَر (فِي خلَافَة أبي بكر مَعَ خلاف على، و) سعد (بن عبَادَة وسلمان فَلم يعتدوهم) أَي لم يعْتد الصَّحَابَة بِخِلَاف هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ (مَدْفُوع بِأَنَّهُ) أَي عدم اعْتِدَاد الصَّحَابَة بِخِلَاف هَؤُلَاءِ فِي الْإِجْمَاع على خِلَافَته إِنَّمَا هُوَ (بعد رجوعهم) أَي هَؤُلَاءِ إِلَى مَا اتّفق عَلَيْهِ الْعَامَّة لِأَن برجوعهم تقرر الْإِجْمَاع على خِلَافَته (وَقَبله) أَي قبل رجوعهم خِلَافَته (صَحِيحَة بِالْإِجْمَاع على الِاكْتِفَاء فِي الِانْعِقَاد) أَي انْعِقَاد الْإِمَامَة (ببيعة الْأَكْثَر) إِذْ هِيَ كَافِيَة فِي انْعِقَادهَا بل هِيَ تَنْعَقِد بِمحضر عَدْلَيْنِ (لَا) أَن خِلَافَته قبل رجوعهم (مجمع عَلَيْهَا) ليستدل بِهِ على أَن اتِّفَاق الْأَكْثَر إِجْمَاع وَلَا يلْزم عدم انْعِقَاد خِلَافَته قبل رجوعهم كَمَا زعم بَعضهم.

[مسئلة]

(وَلَا) يشْتَرط فِي حجية الْإِجْمَاع (عَدَالَة الْمُجْتَهد فِي) القَوْل (الْمُخْتَار للآمدي) وَأبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزالِيّ فَيتَوَقَّف الْإِجْمَاع على مُوَافقَة الْمُجْتَهد غير الْعدْل كَمَا يتَوَقَّف على الْعدْل (لِأَن الْأَدِلَّة) المفيدة لحجية الْإِجْمَاع (لَا توقفه) أَي الْإِجْمَاع (عَلَيْهَا) أَي على عَدَالَته (وَالْحَنَفِيَّة تشْتَرط) عَدَالَة الْمُجْتَهد فَلَا يتَوَقَّف الْإِجْمَاع على مُوَافقَة الْمُجْتَهد غير الْعدْل: نَص الْجَصَّاص على أَنه الصَّحِيح عندنَا، وَعَزاهُ السَّرخسِيّ إِلَى الْعِرَاقِيّين، وَابْن برهَان إِلَى كَافَّة الْفُقَهَاء والمتكلمين، والسبكي إِلَى الْجُمْهُور (لِأَن الدَّلِيل) الدَّال على حجية الْإِجْمَاع (يتضمنها) أَي الْعَدَالَة (إِذْ الحجية) لإِجْمَاع الْأمة إِنَّمَا هِيَ (للتكريم) لَهُم، وَمن لَيْسَ بِعدْل لَيْسَ من أهل التكريم، وَهَذَا بِنَاء على القَوْل بثبوتها لَهُم بِمَعْنى مَعْقُول (ولوجوب التَّوَقُّف فِي إخْبَاره) بِأَن رَأْيه كَذَا قَالَ تَعَالَى - {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ} - الْآيَة، وَقَالَ السَّرخسِيّ

<<  <  ج: ص:  >  >>