للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالإخلال بِهِ الدَّم بِمَا عَن ابْن عَبَّاس من قدم شَيْئا فِي حجه أَو أَخّرهُ فليهرق دَمًا فَإِن ظَاهر الحَدِيث أَنه إِنَّمَا سقط الدَّم لعدم الْعلم، فَعلم أَن عدم الْعلم يسْتَلْزم عدم تعلق الْوُجُوب وَعدم ثُبُوت الحكم فِي حَقهم، وَلَكِن قَول الحنقية عذرهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك الْجَهْل، لِأَن الْحَال كَانَ فِي ابْتِدَاء أَمر الْحَج قبل أَن تتقرر مَنَاسِكه يدل على ثُبُوت الحكم فِي حَقهم: غير أَنهم عذروا لما ذكر فَتَأمل، وَأما وَاقعَة أهل قبَاء وإتيان خبر نسخ الْقبْلَة إيَّاهُم وهم فِي الصَّلَاة واستدارتهم إِلَى الْكَعْبَة من غير أَن يستأنفوا فتدل على عدم وجوب استقبالها فِي حَقهم قبل الْعلم. قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَن هَذِه المسئلة مُلْحقَة بالمجتهد: يَعْنِي لَيست بقطعية.

[مسئلة]

(إِذا زَاد) الشَّارِع (فِي مَشْرُوع جُزْءا أَو شرطا لَهُ) حَال كَون ذَلِك الْمَزِيد (مُتَأَخِّرًا) عَن الْمَزِيد عَلَيْهِ بِزَمَان يَصح القَوْل بالنسخ فِيهِ (هُوَ) أَي الْمَزِيد (فعل) للمكلف (أَو وصف) لَهُ (كركعة فِي الْفجْر) مِثَال للْفِعْل فَرضِي إِذْ لم يشرع فِي المكتوبات رَكْعَة وَاحِدَة بل ورد فِي الْخَبَر الصَّحِيح أَنَّهَا شرعت ابْتِدَاء رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فالمفروض أَن تزاد فَتَصِير ثَلَاثَة (والتغريب فِي الْحَد) مِثَال آخر للْفِعْل، وَكِلَاهُمَا من أَمْثَال الْجُزْء (وَالطَّهَارَة فِي الطّواف) فعل وَشرط (وَوصف الْإِيمَان فِي الرَّقَبَة) وَهَذِه الْجُمْلَة مُعْتَرضَة بَين الشَّرْط وَالْجَزَاء، وَهُوَ (فَهَل هُوَ) أَي الْمَزِيد (نسخ) للمزيد عَلَيْهِ أم لَا (فالشافعية والحنابلة) وَجمع من الْمُعْتَزلَة كالجبائي وَأبي هَاشم وَأكْثر الأشعرية (لَا) يكون نسخا (وَقيل إِن رفعت) الزِّيَادَة حكما شَرْعِيًّا كَانَت نسخا وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا للْقَاضِي وَأبي الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ وَاسْتَحْسنهُ الإِمَام الرَّازِيّ وَاخْتَارَهُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ والآمدي وَابْن الْحَاجِب (بِنَاء على أَنَّهَا) أَي الزِّيَادَة (قد) ترفع حكما شَرْعِيًّا (وَقد) لَا ترفعه. وَفِي التَّلْوِيح نقلا عَن صَاحب التفتيح أَن هَذَا كَلَام خَال عَن التَّحْصِيل لِأَن كل وَاحِد يعلم ذَلِك. وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي أَي صُورَة تَقْتَضِي رفع حكم شَرْعِي وَأي صُورَة لَا تَقْتَضِيه. (وَالْحَنَفِيَّة) قَالُوا (نعم) هِيَ نسخ (لِأَنَّهَا ترفع حكما شَرْعِيًّا) قَالَ السُّبْكِيّ، وَاخْتَارَهُ بعض أَصْحَابنَا وَادّعى أَنه مَذْهَب الشَّافِعِي (أما رفع مَفْهُوم الْمُخَالفَة) إِضَافَة الرّفْع إِلَى الْمَفْهُوم إِضَافَة إِلَى الْمَفْعُول (كفى المعلوفة) زَكَاة (بعد) قَوْلنَا فِي (السَّائِمَة) زَكَاة، فَإِن مَفْهُوم هَذَا أَن لَا يكون فِي المعلوفة زَكَاة فقولنا فِي المعلوفة زَكَاة بعد هَذَا يرفع عدم وجوب الزَّكَاة الْمُسْتَفَاد بمفهومها (فنسبته) أَي رفع مَفْهُوم الْمُخَالفَة (إِلَى الْحَنَفِيَّة) كَمَا فِي الشَّرْح العضدي (غلط إِذْ ينفونه) أَي الْحَنَفِيَّة مَفْهُوم الْمُخَالفَة ونسخه فرع وجوده، قيل والاعتذار أَن يُقَال مَعْنَاهُ أَنه لَو قَالُوا بِمَفْهُوم الْمُخَالفَة كَانَ نسخه رفعا عِنْدهم

<<  <  ج: ص:  >  >>