عدتهَا وَتَزَوَّجت بآخر وَدخل بهَا ثمَّ طَلقهَا ثمَّ رجعت إِلَى الأول حَيْثُ قَالُوا: ترجع إِلَيْهِ بِمَا بَقِي من طَلاقهَا، وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف قَالَا: ترجع إِلَيْهِ بِثَلَاث قِيَاسا على الْمُطلقَة الثَّلَاث عملا بِكُل من الْخَبَرَيْنِ (فَلَا وَجه لَهُ إِذْ لَيْسَ عدم تَحْلِيله) أَي الزَّوْج الثَّانِي الزَّوْجَة للْأولِ (و) عدم (الْعود) أَي عودهَا (إِلَى الْحَالة الأولى) وَهِي ملك الأول الثَّلَاث عَلَيْهَا (من مَا صدقَات مدلولها) أَي حَتَّى فِي الْآيَة (ليلزم إِبْطَاله) أَي مدلولها (بِالْخَيرِ) فَهُوَ: أَي إِثْبَات التَّحْلِيل بِالثَّانِي (إِثْبَات مسكوت الْكتاب بالْخبر، أَو بِمَفْهُوم حَتَّى على أَنه) أَي مفهومها: يَعْنِي الْعَمَل بِهِ (اتِّفَاق) أَي مُتَّفق عَلَيْهِ، أما عِنْد غير الْحَنَفِيَّة فَظَاهر، وَأما عِنْدهم فَلِأَنَّهُ من قبيل الْإِشَارَة على مَا ذكر فِي البديع وَغَيره (أَو بِالْأَصْلِ) الْكَائِن فِيهَا قبل ذَلِك (وعَلى تَقْدِيره) أَي كَونه إِثْبَات مسكوت الْكتاب بِأحد هَذِه الْمَذْكُورَات (يرد) أَن يُقَال (الْعود) إِلَى الْحَالة الأولى (والتحليل إِنَّمَا جعل) كل مِنْهُمَا (فِي حرمتهَا بِالثلَاثِ وَلَا حُرْمَة قبلهَا) أَي لَا يتَحَقَّق حُرْمَة الثَّلَاث قبل الثَّلَاث (فَلَا يتصوران) أَي الْعود والتحليل، إِذْ لم تحرم فِي الصُّورَة الْمَذْكُورَة تِلْكَ الْحُرْمَة حَتَّى تعود، فَلَو أثبت حل بِهَذَا التَّزْوِيج كَانَ تحصيلا للحاصل (فَلَا يحصل مقصودهما) أَي أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف، وَهُوَ (هدم الزَّوْج) الثَّانِي (مَا دون الثَّلَاث خلافًا لمُحَمد). (وَلَا يخفى تضاؤل) أَي تصاغر (أَنه) أَي مَا دون الثَّلَاث (أولى بِهِ) أَي بِالْحلِّ الْجَدِيد من الثَّلَاث (أَو) أَنه ثَابت (بِالْقِيَاسِ) عَلَيْهَا، أما الأول فَلِأَنَّهُ لما أثبت الزَّوْج الثَّانِي حلا جَدِيدا فَلحقه الطلقات الثَّلَاث فِي الأغلظ كَانَ أَن يُثبتهُ فِي الأخف أولى، وَأما الثَّانِي فيجامع أَنه نِكَاح زوج ثَان بالغاء كَونه فِي حُرْمَة غَلِيظَة، ثمَّ أَن التضاؤل إِنَّمَا هُوَ بِسَبَب أَن مورد النَّص الدَّال على تَحْلِيل الزَّوْج الثَّانِي بِزَوْج كَائِن بعد اسْتِيفَاء الطلقات، وَلَا دَلِيل على إِلْغَاء هَذِه الخصوصية فَلَا مجَال للْقِيَاس فضلا عَن الْإِثْبَات بِالطَّرِيقِ الأولى، يُؤَيّد أَنه هُنَاكَ احتجنا إِلَى إِثْبَات حل جَدِيد وترتب عَلَيْهِ أَن يملك الثَّلَاث، وَهَهُنَا لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك لِأَنَّهُ حَاصِل كَمَا مر، وَلذَلِك (فَالْحق هدم الْهدم) الْمَبْنِيّ على الْوَجْهَيْنِ الضعيفين.
الْبَاب الثَّالِث
(السّنة) فِي اللُّغَة (الطَّرِيقَة الْمُعْتَادَة) حَسَنَة كَانَت أَو سَيِّئَة، فِي الحَدِيث " من سنّ فِي الْإِسْلَام سنة حَسَنَة فَلهُ أجرهَا وأجرمن عمل بهَا إِلَى أَن قَالَ: وَمن سنّ سنة سَيِّئَة كَانَ عَلَيْهِ وزرها ووزر من عمل بهَا ". (وَفِي) اصْطِلَاح (الْأُصُول قَوْله) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَفعله وَتَقْرِيره) مِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute