لَيْسَ من الْأُمُور الطبيعية، لم يذكر هَذَا الْقَيْد للْعلم بِأَنَّهَا من الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة، والأمور الْمَذْكُورَة لَيست مِنْهَا (وَفِي فقه الْحَنَفِيَّة: مَا واظب) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (على فعله مَعَ ترك مَا بِلَا عذر) لم يقل مَعَ تَركه أَحْيَانًا كَمَا هُوَ الْمَشْهُور عِنْدهم لدلَالَة الْمُوَاظبَة على ندرة التّرْك، وَذكر بِلَا عذر لِأَن التّرْك مَعَ الْعذر مُتَحَقق فِي الْوَاجِب أَيْضا (ليلزم كَونه) أَي الْمَفْعُول المواظب عَلَيْهِ (بِلَا وجوب) لَهُ. قَوْله ليلزم مُتَعَلق بترك مَا الخ (وَمَا لم يواظبه) أَي فعله بِحَذْف على وَقد قصد بِهِ الْقرْبَة (مَنْدُوب ومستحب، وَإِن لم يَفْعَله بعد مَا رغب فِيهِ). قَوْله وَأَن وصلية (وَعَادَة غَيرهم) أَي الْحَنَفِيَّة (ذكر مسئلة الْعِصْمَة) حَال كَونهَا (مُقَدّمَة كلامية) إِذْ لَيست من مسَائِل الْأُصُول بل من الْكَلَام، من جملَة مَا يتَوَقَّف عَلَيْهَا الْأُصُول (لتوقف حجية مَا قَامَ بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) من القَوْل وَالْفِعْل والتقرير (عَلَيْهَا) أَي الْعِصْمَة: إِذْ بثبوتها يثبت حَقِيقَة (وَهِي) أَي الْعِصْمَة (عدم قدرَة الْمعْصِيَة) فعلى هَذَا مفهومها عدمي، وَقيل وجودي، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (أَو خلق مَانع) من الْمعْصِيَة (غير ملجئ) إِلَى تَركهَا، وَإِلَّا يلْزم الِاضْطِرَار الْمنَافِي للابتلاء وَالِاخْتِيَار (ومدركها) أَي الْعِصْمَة عِنْد الْمُحَقِّقين من الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيّ وَالْقَاضِي أبي بكر (السّمع، وَعند الْمُعْتَزلَة) السّمع و (الْعقل أَيْضا). ثمَّ اخْتلف فِي تفصيلها (الْحق أَن لَا يمْتَنع قبل الْبعْثَة كَبِيرَة وَلَو) كَانَت (كفرا عقلا) أَي امتناعا عقليا كَمَا هُوَ قَول القَاضِي وَأكْثر الْمُحَقِّقين (خلافًا لَهُم) أَي أَي الْمُعْتَزلَة (ومنعت الشِّيعَة الصَّغِيرَة أَيْضا) أَي وُقُوعهَا وجوازها. (وَأما الْوَاقِع) فِي نفس الْأَمر (فالمتوارث) أَي الْخَبَر المتوارث (أَنه لم يبْعَث نَبِي قطّ أشرك بِاللَّه طرفَة عين، وَلَا من نَشأ فحاشا) أَي متكلما بِمَا يستقبح ذكره عِنْد أهل الْمُرُوءَة فضلا عَن أَن يَفْعَله (سَفِيها) فِي أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَهُوَ ضد الرشد (لنا) فِي عدم امْتنَاع مَا ذكر عقلا (لَا مَانع فِي) نظر (الْعقل من) حُصُول (الْكَمَال) التَّام (بعد النَّقْص) التَّام (و) بعد (رفع الْمَانِع) من حُصُوله (قَوْلهم) أَي الْمُعْتَزلَة والشيعة (بل فِيهِ) أَي فِي الْعقل مَانع من ذَلِك (وَهُوَ) أَي الْمَانِع (إفضاؤه) أَي صُدُور الْمعْصِيَة (إِلَى التنفير عَنْهُم واحتقارهم) بعد الْبعْثَة (فنافى) صدورها عَنْهُم (حِكْمَة الْإِرْسَال) ويه اهتداء الْخلق بهم (مَبْنِيّ على التحسين والتقبيح الفعليين) أذ لَو لم يَقُولُوا: إِن إرْسَال من ينفر عَنهُ الْمُرْسل إِلَيْهِ قَبِيح لم يتم دليلهم (فَإِن بَطل) القَوْل بهما (كدعوى الأشعرية) من أَن القَوْل بهما بَاطِل (بَطل) قَوْلهم الْمَبْنِيّ عَلَيْهِمَا (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يبطل القَوْل بهما مُطلقًا (منعت الْمُلَازمَة) بَين صُدُور الْمعْصِيَة والإفضاء إِلَى التنفير عَنْهُم بعد الْبعْثَة واحتقارهم (كالحنفية) أَي كدعوى الْحَنَفِيَّة، من أَن القَوْل بهما لَيْسَ بَاطِلا مُطلقًا، وَأَن الْمُلَازمَة الْمَذْكُورَة مَمْنُوعَة (بل بعد صفاء السريرة) أَي الْبَاطِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute