الأَصْل بِرَفْع اعْتِبَار ذَلِك الْمِقْدَار الْكَائِن فِي الأَصْل من الْعلَّة (وَجَاز) مَعَ رفع اعْتِبَار ذَلِك الْمِقْدَار مِنْهُ (بَقَاء الْمَفْهُوم بِقدر) من الْعلَّة (فَوْقهَا) أَي فَوق تِلْكَ الْحصَّة الَّتِي فِي الأَصْل من الْعلَّة وَنسخ الأضعف لَا يسْتَلْزم نسخ الأشد فَبَقيَ حكم الْمَفْهُوم لبَقَاء علته (بِخِلَاف الْقلب) أَي نسخ الفحوى دون الأَصْل فَإِنَّهُ لَا يجوز (إِذْ لَا يتَصَوَّر إهدار الأشد فِي التَّحْرِيم) كالضرب (وَاعْتِبَار مَا دونه) أَي مَا دون الأشد كالتأفيف (فِيهِ) أَي فِي التَّحْرِيم حَتَّى يجوز نسخ حُرْمَة الضَّرْب وَلَا ينْسَخ حُرْمَة التأفيف وَلَا يخفى أَن هَذَا التَّعْلِيل إِنَّمَا يجْرِي فيهمَا إِذا كَانَ حكم الْمَنْطُوق تَحْرِيم فعل قَبِيح فِي الْجُمْلَة وَحكم الفحوى تَحْرِيم فعل أقبح مِنْهُ، وَأما إِذا كَانَا إيجابين والمفروض أَن الفحوى أولى بالحكم فيفهم تَعْلِيله بالمقايسة فَيُقَال: لَا يتَصَوَّر إهدار مَا فِيهِ الْحسن على الْوَجْه الْأَكْمَل وَاعْتِبَار مَا دونه فِي الْحسن فَتدبر. وَلما كَانَ هَهُنَا مَظَنَّة سُؤال وَهُوَ أَن يُقَال مَا ذكرته منقوض بِنَحْوِ اقتله وَلَا تهنه أجَاب عَنهُ بقوله (وَنَحْو اقتله وَلَا تهنه) إِنَّمَا جَازَ مَعَ أَن الْقَتْل أَشد من الإهانة (لعرف صير الإهانة فَوق الْقَتْل أَذَى، وَتقدم) فِي التَّقْسِيم الأول من الْفَصْل الثَّانِي فِي الدّلَالَة (أَن الْحَنَفِيَّة وَكَثِيرًا من الشَّافِعِيَّة أَن لَا يشْتَرط) فِي مَفْهُوم الْمُوَافقَة (سوى التبادر) أَي تبادر حكم الْمَذْكُور للمسكوت بِمُجَرَّد فهم اللُّغَة سَوَاء (اتَّحد كمية المناط) للْحكم (فيهمَا) أَي الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم بِأَن تَسَاويا فِي مِقْدَاره (أَو تفَاوت) المناط فيهمَا كمية بِكَوْنِهِ فِي الْمَسْكُوت أَشد (فيلزمهم) أَي الْحَنَفِيَّة وَمن وافقهم (التَّفْصِيل الْمَذْكُور) من جَوَاز نسخ الْمَنْطُوق فَقَط لَا عَكسه (فِي الأولى) أَي فِيمَا إِذا كَانَ الْمَسْكُوت أولى من الحكم الْمَذْكُور فِي الْمَنْع (وَالْمَنْع) عَن جَوَاز نسخ أحد الْأَمريْنِ دون الآخر (فيهمَا) أَي فِي نسخ الْمَنْطُوق بِدُونِ الْمَفْهُوم وَعَكسه (فِي الْمُسَاوَاة) فِي المناط (فَلَو نسخ إِيجَاب الْكَفَّارَة للجماع لَا نتفى) إِيجَابهَا (للْأَكْل) وَفِي بعض النّسخ لَا يبْقى للْأَكْل، وَالْمعْنَى وَاحِد (ومبناه) أَي مبْنى هَذَا الْكَلَام (على) الْمَذْهَب (الْمُخْتَار من أَن نسخ حكم الأَصْل لَا يبْقى مَعَه حكم الْفَرْع) لَا على الأَصْل الَّذِي هُوَ مبحثنا، إِذْ النَّص إِنَّمَا ورد فِي إِيجَاب الْكَفَّارَة للجماع، وَلَيْسَ إِيجَابهَا للْأَكْل بِمَفْهُوم الْمُوَافقَة، إِذْ لَيْسَ مِمَّا يثبت بعلة الأَصْل متبادرة إِلَى الْفَهم بِمُجَرَّد فهم اللُّغَة سَوَاء شرطنا فِيهِ أَوْلَوِيَّة الْمَسْكُوت أَولا، أما على الأول فَظَاهر لِأَن إِيجَابهَا للجماع أولى، وَأما على الثَّانِي فلعدم اتِّحَاد كمية المناط فيهمَا، وَفِيه نظر، فَالْوَجْه أَن يُقَال فلعدم التبادر إِلَى الْفَهم بِمُجَرَّد فهم اللُّغَة (وَكَونه) أَي عدم بَقَاء حكم الْفَرْع (يُسمى نسخا أَولا) نزاع (لَفْظِي) إِذْ حَقِيقَة النّسخ وَهُوَ الرّفْع متحققة بِلَا شُبْهَة فَمَا يبْقى النزاع إِلَّا فِي التَّسْمِيَة (أَو سَهْو الْمُخَالف) الَّذِي سَمَّاهُ نسخا إِذْ لَا نسخ حَقِيقَة، وَإِنَّمَا هُوَ من زَوَال الحكم لزوَال علته، مَعْطُوف على لَفْظِي، وَحَاصِله أَن أحد الْأَمريْنِ لَازم: أما سَهْو الْمُخَالف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute