للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيحْتَمل أَن يكون منتفيا ويستحيل حِينَئِذٍ وجود ذَلِك الْفِعْل وَمَعَ هَذَا الْإِجْمَال لَا يتَحَقَّق إِمْكَان الْفِعْل، وَلَا شكّ فِي وُقُوع مثل هَذَا الْأَمر فِي الشَّاهِد، فَلَو كَانَ دليلكم مُوجبا لاشْتِرَاط عدم الْعلم بِانْتِفَاء الشَّرْط بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَاجِب تَعَالَى لأوجب اشْتِرَاط الْعلم بِوُجُود الشَّرْط بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيره تَعَالَى لاشتراك الْعلَّة، وَقد يُوَجه بِالْفرقِ بَين تَكْلِيف من يعلم الانتفاء وَمن لم يُعلمهُ، فَإِن هَذَا يسْتَلْزم عدم اشْتِرَاط إِمْكَان الْفِعْل بِخِلَاف ذَلِك، فَإِن الْجَاهِل بالانتفاء يجوز وجود الشَّرْط وَهَذَا التجويز يحملهُ على التَّكْلِيف فَتَأمل (و) أُجِيب (بِالْحلِّ) وَتَعْيِين مَحل الْحل فِي استدلالهم (بِأَن) الْإِمْكَان (الْمَشْرُوط) فِي التَّكْلِيف (كَون الْفِعْل يَتَأَتَّى) أَي كَونه مُمكن الْحُصُول (عِنْد) وجود (وقته وشرائطه، لَا) أَن الْمَشْرُوط (وجودهَا) أَي شَرَائِطه (بِالْفِعْلِ) بِالْإِطْلَاقِ الْعَام: يَعْنِي بِحَيْثُ أَنه يَتَأَتَّى أَن تحققت شَرَائِطه، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي وجودهَا فِي وَقت من الْأَوْقَات، غَايَة الْأَمر أَنه لَا بدّ من إِمْكَان الشَّرَائِط (لِأَن عدمهَا) أَي الشَّرَائِط (لَا يُنَافِي) الْإِمْكَان (الذاتي) للْفِعْل، وَالشّرط فِي التَّكْلِيف إِنَّمَا هُوَ إمكانة الذاتي لَا غير، وَإِلَّا لم يَصح تَكْلِيف كل من مَاتَ على كفره ومعصيته لِأَن علمه تَعَالَى مُتَعَلق بِعَدَمِ وُقُوع مَا أمروا بِهِ وَعدم تحقق شُرُوطه من إِرَادَة الْفِعْل وَغَيرهَا (قَالُوا) ثَانِيًا (لَو صَحَّ) التَّكَلُّف (مَعَ علم الْآمِر بالانتفاء) لشرطه (صَحَّ) التَّكْلِيف (مَعَ علم الْمَأْمُور) بانتفائه (إِذْ الْمَانِع) من الصِّحَّة إِنَّمَا هُوَ (عدم إِمْكَانه) أَي الْفِعْل (دونه) أَي الشَّرْط لِأَن شَرط التَّكْلِيف الْإِمْكَان (وَهُوَ) أَي عدم الْإِمْكَان (مُشْتَرك) بَين علم الْآمِر بالانتفاء وَعلم الْمَأْمُور بِهِ (الْجَواب منع مانعية مَا ذكر) عَن الصِّحَّة (بل) الْمَانِع عَنْهَا (انْتِفَاء فَائِدَة التَّكْلِيف وَهُوَ) أَي انتفاؤها إِنَّمَا يكون إِذا انْتَفَى الشَّرْط (فِي علم الْمَأْمُور لَا) فِي علم (الْآمِر فَإِنَّهَا) أَي فَائِدَة التَّكْلِيف (فِيهِ) أَي فِي صُورَة انْتِفَاء الشَّرْط فِي علم الْآمِر (الِابْتِلَاء) للْمَأْمُور (ليظْهر عزمه) أَي الْمَأْمُور على الْفِعْل (وبشره) بِهِ (وضدهما) أَي الْعَزْم والبشر وَهُوَ التّرْك وَالْكَرَاهَة لَهُ (وَبِذَلِك) أَي بِظُهُور الْعَزْم والبشر وضدهما (تتَحَقَّق الطَّاعَة والعصيان وَاعْلَم أَن هَذِه) الْمَسْأَلَة (ذكرت فِي أصُول ابْن الْحَاجِب وَلَيْسَت) الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة (سوى جَوَاز التَّكْلِيف بِمَا علم تَعَالَى عدم وُقُوعه) من الْمُكَلف بِهِ، إِذْ كل مَا علم عدم وُقُوعه علم انْتِفَاء شَرط وجوده فِي الْجُمْلَة كالإرادة من الْمُكَلف وَإِرَادَة الله تَعَالَى إِيَّاهَا لقَوْله تَعَالَى - {وَمَا تشاءون إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين} - وَقَوله وَلَيْسَت سوى إِلَى آخِره على سَبِيل الْمُبَالغَة للاتحاد بِاعْتِبَار الْمَآل (وهم ذكرُوا فِي مسئلة شَرط الْمَطْلُوب الْإِمْكَان الْإِجْمَاع على وُقُوع التَّكْلِيف بِهِ) أَي بِمَا علم تَعَالَى عدم وُقُوعه (فحكاية الْخلاف مناقضة) كَمَا صرح بِهِ غير وَاحِد من شارحي كَلَامه على مَا ذكره السُّبْكِيّ (ثمَّ على بعده) أَي الْخلاف (يَكْفِي) ويغني (عَن الْإِكْثَار) والإطناب أَن يُقَال: (لنا الْقطع ب) وُقُوع (تَكْلِيف

<<  <  ج: ص:  >  >>