(وَأما الثَّانِي) وَهُوَ أَن الْإِجْمَاع لَا ينْسَخ بِهِ غَيره (فالأكثر على مَنعه) أَي منع أَن ينْسَخ بِهِ غَيره (خلافًا لِابْنِ أبان وَبَعض الْمُعْتَزلَة لنا أَن) كَانَ الْإِجْمَاع (عَن نَص) من كتاب أَو سنة (فَهُوَ) أَي النَّص (النَّاسِخ) وَلما كَانَ مَا زعم الْمُجِيز نسخ الْإِجْمَاع لَهُ أَعم مِمَّا يجوز نسخه وَالنَّص لَا ينْسَخ إِلَّا مَا يجوز نسخه فسره بقوله (يَعْنِي لما بِحَيْثُ ينْسَخ) إِشَارَة إِلَى أَن مَا بِحَيْثُ لَا ينْسَخ فَهُوَ بمعزل عَن مَظَنَّة النّسخ مُطلقًا (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الْإِجْمَاع عَن نَص (فَالْأول) أَي الحكم الَّذِي زعم الْمُجِيز أَنه مَنْسُوخ بِالْإِجْمَاع مُطلقًا (أَن) كَانَ (قَطْعِيا لزم خطا الثَّانِي) وَهُوَ الْإِجْمَاع الَّذِي ظن أَن كَونه نَاسِخا (لِأَنَّهُ) أَي الثَّانِي حِينَئِذٍ (على خلاف) النَّص (الْقَاطِع) وكل مَا هَذَا شَأْنه خطأ (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن قَطْعِيا بل ظنيا (فالإجماع) المنعقد (على خِلَافه) أَي الظني الْمَذْكُور (أظهر أَنه لَيْسَ دَلِيلا) لِأَن شَرط الِاحْتِجَاج بالظني أَن لَا يكون على خلاف الْقطعِي (فَلَا حكم) ثَابت لَهُ (فَلَا رفع) لِأَنَّهُ فرع الثُّبُوت (و) يرد (عَلَيْهِ) أَي على هَذَا الِاسْتِدْلَال (منع خطأ) حَيْثُ قَالَ أَن قَطْعِيا لزم خطأ (الثَّانِي لِأَنَّهُ) أَي الثَّانِي (قَطْعِيّ مُتَأَخّر عَن قَطْعِيّ) مُتَقَدم، والناسخ لَا يَسْتَدْعِي خطأ الْمَنْسُوخ، وَإِلَّا امْتنع النّسخ مُطلقًا، وَقد مر غير مرّة (وَإِن) كَانَ الحكم ناشئا (عَن ظَنِّي) كَمَا هُوَ التَّقْدِير الثَّانِي (فيرفعه) الثَّانِي، لِأَن الْقَاطِع يرفع مَا دونه (كالكتاب للْكتاب) أَي كنسخ قَطْعِيّ الدّلَالَة مِنْهُ وظنيتها مِنْهُ (وَإِذن فللخصم منع الْأَخير) وَهُوَ أَن الْإِجْمَاع أظهر إِلَى آخِره (بل ينْسَخ) الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْإِجْمَاع الْقطعِي الأول (الظني، لَا أَنه) أَي الثَّانِي (يظْهر بُطْلَانه) أَي الأول (فَالْوَجْه) فِي دَلِيل منع نسخ الْإِجْمَاع (مَا للحنفية) من أَنه (لَا مدْخل للآراء فِي معرفَة انْتِهَاء الحكم فِي علمه تَعَالَى) وَإِنَّمَا يعلم ذَلِك بِالْوَحْي وَلَا وَحي بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالُوا) أَي المجيزون (وَقع) نسخ الْقُرْآن بِالْإِجْمَاع (بقول عُثْمَان) لما قَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس كَيفَ تحجب الْأُم بالأخوين وَقد قَالَ تَعَالَى - {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة فلأمه السُّدس} - والأخوان ليسَا إخْوَة (حجبها قَوْمك) يَا غُلَام. قَالَ ابْن الملقن رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَإِبْطَال حكم الْقُرْآن بِالْإِجْمَاع نسخ (وبسقوط سهم الْمُؤَلّفَة) من الزَّكَاة عِنْد الْحَنَفِيَّة وَمن وافقهم بِإِجْمَاع الصَّحَابَة فِي زمن أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ روى الطَّبَرِيّ أَن عمر رَضِي الله عَنهُ لما أَتَاهُ عُيَيْنَة بن حصن قَالَ - {الْحق من ربكُم فَمن شَاءَ فليؤمن وَمَا شَاءَ فليكفر} -: يَعْنِي الْيَوْم لَيْسَ مؤلفة من غير إِنْكَار أحد من الصَّحَابَة ذَلِك (قُلْنَا الأول) أَي الِاسْتِدْلَال بقول عُثْمَان على كَون الْإِجْمَاع نَاسِخا لِلْقُرْآنِ (يتَوَقَّف على إِفَادَة الْآيَة) أَي - {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة فلأمه السُّدس} - (عدم حجب مَا لَيْسَ إخْوَة قطعا) للْأُم من الثُّلُث إِلَى السُّدس، إِذْ لَو لم يفد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute