جَازَ أَن يكون حجبهم لدَلِيل آخر (و) على (أَن الْأَخَوَيْنِ ليسَا أخوة قطعا) إِذْ لَو جَازَ كَونهمَا فِي اللُّغَة إخْوَة كَانَ معنى قَول عُثْمَان أَن قَوْمك يجعلونهما إخْوَة من حَيْثُ اللُّغَة (لَكِن الأول) أَي إِفَادَة الْآيَة عدم حجب مَا لَيْسَ إخْوَة ثَابت (بِالْمَفْهُومِ) الْمُخَالف (الْمُخْتَلف) فِي صِحَة كَونه حجَّة، وَهُوَ إِن لم يكن لَهُ إخْوَة لَا يكون لأمه السُّدس. (وَالثَّانِي) وَهُوَ أَن الْأَخَوَيْنِ ليسَا إخْوَة قطعا (فرع أَن صِيغَة الْجمع لَا تطلق على الِاثْنَيْنِ لَا) حَقِيقَة (وَلَا مجَازًا قطعا) وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن الْإِطْلَاق عَلَيْهِمَا مجَازًا لَا يُنكر (وَلَو سلم) أَن عُثْمَان أَرَادَ حجبها بِالْإِجْمَاع، كَذَا ذكره الشَّارِح وَالْوَجْه أَن الْمَعْنى وَلَو سلم تحقق مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الِاسْتِدْلَال مِمَّا ذكر (وَجب تَقْدِير نَص) قَطْعِيّ ثَبت عِنْدهم ليَكُون النّسخ بِهِ، وَإِلَّا كَانَ الْإِجْمَاع على خلاف الْقيَاس، وَهُوَ بَاطِل (وَسُقُوط الْمُؤَلّفَة من قبيل انْتِهَاء الحكم لانْتِهَاء علته المفردة) إِنَّمَا قيدها بِهِ إِذْ لَو كَانَت مُتعَدِّدَة لم يلْزم من انْتِهَاء بَعْضهَا انْتِهَاء الحكم. قَالَ الشَّارِح وَهِي الإعزاز لِلْإِسْلَامِ، وَمعنى انتهائها أَن الإعزاز كَانَ حَاصِلا فِي زمن أبي بكر دون إِعْطَاء سهمهم (وَلَيْسَ) انْتِهَاء الحكم لانْتِهَاء علته (نسخا وَلَو ادعوا) أَي المجيزون، يَعْنِي سموا (مثله) أَي كَون الْإِجْمَاع مُبينًا رفع الحكم بانتهاء مدَّته (نسخا فلفظي) أَي فَالْخِلَاف لَفْظِي (مَبْنِيّ على الِاصْطِلَاح فِي اسْتِقْلَال دَلِيله) أَي النّسخ، فَمن اشْتَرَطَهُ فِيهِ وَهُوَ الْجُمْهُور لم يَجْعَل الْإِجْمَاع نَاسِخا، فَإِن الْإِجْمَاع لَيْسَ مُسْتقِلّا بِذَاتِهِ فِي إِثْبَات الحكم، بل لَا بُد لَهُ من مُسْتَند هُوَ الدَّلِيل فِي الْحَقِيقَة، وَهُوَ كاشف عَنهُ وَإِن لم ينْقل إِلَيْنَا لَفظه، وَمن لم يشْتَرط فِيهِ جعله نَاسِخا. قَالَ شمس الْأَئِمَّة، وَأما النّسخ بِالْإِجْمَاع فقد جوزه بعض مَشَايِخنَا بطرِيق أَن الْإِجْمَاع مُوجب علم الْيَقِين كالنص فَيجوز أَن يثبت النّسخ بِهِ وَالْإِجْمَاع فِي كَونه حجَّة أقوى من الْخَبَر الْمَشْهُور، وَإِذا كَانَ يجوز النّسخ بِهِ فجوازه بِالْإِجْمَاع أولى، وَأَكْثَرهم على أَنه لَا يجوز ذَلِك، لِأَن الْإِجْمَاع عبارَة عَن اجْتِمَاع الآراء على شَيْء، وَلَا مجَال للرأي فِي معرفَة نِهَايَة الْحسن والقبح فِي الشَّيْء عِنْد الله تَعَالَى (وَصرح فَخر الْإِسْلَام بمنسوخيته) أَي الْإِجْمَاع (أَيْضا). قَالَ الشَّارِح وَهَذَا يُفِيد أَنه مُصَرح بنسخ الْإِجْمَاع والنسخ بِهِ، وَفِيه نظر، لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يكون قَوْله أَيْضا بِاعْتِبَار تحقق القَوْل بهما مَعًا من الْحَنَفِيَّة وَإِن لم يكن الْقَائِل بهما وَاحِدًا (قَالَ والنسخ فِي ذَلِك كُله) أَي فِي الْإِجْمَاع (بِمثلِهِ) أَي بِإِجْمَاع مثله (جَائِز حَتَّى إِذا ثَبت حكم بِإِجْمَاع فِي عصر يجوز أَن يجمع أُولَئِكَ على خِلَافه فَينْسَخ بِهِ الأول وَكَذَا فِي عصرين. وَوجه) قَول فَخر الْإِسْلَام (بِأَنَّهُ لَا يمْتَنع ظُهُور انْتِهَاء مُدَّة الحكم) الأول (بالهامه تَعَالَى للمجتهدين، وَإِن لم يكن للرأي دخل فِي معرفَة انْتِهَاء مُدَّة الحكم وزمان نسخ مَا ثَبت بِالْوَحْي) من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute