للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعدم النّسخ المستلزم شُمُول الْخَلَاء للأذخر قبله. (قَالُوا) أَي الْقَائِلُونَ بالوقوع أَيْضا (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَوْلَا أَن أشق على أمتِي) أَي لَوْلَا مُخَالفَة إيقاعي إيَّاهُم فِي الْمَشَقَّة (لأمرتهم) بِالسِّوَاكِ مَعَ كل وضوء. أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وعلقه البُخَارِيّ وَهُوَ صَرِيح فِي أَن الْأَمر وَعَدَمه مفوض إِلَيْهِ، لِأَن مثل هَذَا مَا يَقُوله إِلَّا من كَانَ الْأَمر بِيَدِهِ (وَقَالَ) أَيْضا (لقَائِل أحجنا هَذَا لِعَامِنَا) أَي لسنتنا (أم لِلْأَبَد) أَي هَذَا الْحَج الَّذِي أَتَيْنَا بِهِ حق هَذِه السّنة، أم يكفينا إِلَى آخر الْعُمر: يَعْنِي هُوَ وَظِيفَة كل سنة أم وَظِيفَة الْعُمر، وَالْقَائِل الْأَقْرَع بن حَابِس (فَقَالَ) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لِلْأَبَد وَلَو قلت نعم) لِعَامِنَا هَذَا (لوَجَبَ) الْحَج عَلَيْكُم فِي كل سنة والْحَدِيث صَحِيح اتِّفَاقًا: يَعْنِي لَا تسألوا مثل هَذَا السُّؤَال لِأَنَّهُ يتسبب لقولي نعم فتعجزون وَلَوْلَا أَن الْأَمر مفوض إِلَيْهِ لما أنْجز سُؤَالهمْ إِلَى الْجَواب بنعم، بل مُتَوَقف على الْوَحْي (" وَلما قتل) النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (النَّضر بن الْحَارِث) أَمر عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بذلك بالصفراء فِي مرجعه من بدر فَقتله صبرا (ثمَّ سمع) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا أنشدته أُخْته قتيلة) على مَا ذكر ابْن إِسْحَاق وَابْن هِشَام واليعمري. وَقَالَ السُّهيْلي: الصَّحِيح أَنَّهَا بنت النَّضر وَمَشى عَلَيْهِ الذَّهَبِيّ وَغَيره.

(مَا كَانَ ضرك لَو مننت وَرُبمَا ... من الْفَتى وَهُوَ المغيظ المحنق)

(فِي أَبْيَات) سَابِقَة على هَذَا مَذْكُورَة فِي الشَّرْح، وَالْمعْنَى أَي شَيْء كَانَ يَضرك لَو عَفَوْت؟ والفتى وَإِن كَانَ مضجرا مطويا على حنق وحقد قد يمن وَيَعْفُو (قَالَ) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَو بَلغنِي هَذَا) الشّعْر (قبل قَتله لمننت عَلَيْهِ) وَذكر الزبير بن بكار: فرق لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى دَمَعَتْ عَيناهُ، وَقَالَ لأبي بكر لَو سَمِعت شعرهَا مَا قتلت أَبَاهَا " فَلَو لم يكن الْقَتْل وَعَدَمه إِلَيْهِ لَكَانَ بُلُوغ الشّعْر وَعَدَمه على السوية (أُجِيب بِجَوَاز كَونه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خير فِيهَا) فِي هَذِه الصُّور الثَّلَاث (معينا) أَي تخييرا مَخْصُوصًا بهَا لِأَنَّهُ قيل لَهُ أَنْت مُخَيّر فِي إِيجَاب السُّؤَال وَعَدَمه وتكرار الْحَج وَعَدَمه وَقتل النَّضر وَعَدَمه.

وَأَنت خَبِير بِأَن هَذَا الِاحْتِمَال مَعَ بعده يأباه السِّيَاق خُصُوصا فِي الْأَخيرينِ (أَو) كَون مَا ذكره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بِوَحْي سريع) لَا من تِلْقَاء نَفسه (وَلَا يخفى أَن) الْجَواب (الأول رُجُوع عَن الدَّعْوَى، وَهُوَ) أَي الدَّعْوَى (أَنه) أَي التَّفْوِيض (لم يَقع اعترافا بالْخَطَأ) فِي نفي الْوُقُوع مُطلقًا، وَلَك أَن نقُول بِجَوَاز أَن يكون مُرَاد الْمُدعى نفي التَّفْوِيض الْمُطلق فَلَا يُنَافِيهِ الْوُقُوع فِي الْجُمْلَة فَتَأمل (فَالْحق أَنه) أَي التَّفْوِيض فِي الْجُمْلَة (وَقع وَلَا يُنَافِي) وُقُوعه (مَا تقدم من أَنه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (متعبد بِالِاجْتِهَادِ) أَي مَأْمُور بِهِ عِنْد حُضُور الْوَاقِعَة وَعدم النَّص (لِأَن وُقُوع التَّفْوِيض فِي أُمُور مَخْصُوصَة لَا يُنَافِيهِ) أَي كَونه متعبدا بِالِاجْتِهَادِ، وَإِنَّمَا يُنَافِيهِ وُقُوعه فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>