أَي الصَّدْر عَلَيْهِ، فالمخرج مَدْلُول الصَّدْر بِاعْتِبَار الْوَضع مُرَاد للمتكلم عِنْد الِاسْتِعْمَال خلافًا لمن قَالَ مَدْلُول لَهُ غير مُرَاد مِنْهُ (ثمَّ أخرج) الْمخْرج بعد الدّلَالَة والإرادة (ثمَّ أسْند) الحكم إِلَى الصَّدْر، فالمحكوم عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ الْبَاقِي بعد الثنيا (وَنحن وجهنا قَول الْجُمْهُور) هُنَا (أَنه) أَي بِأَن الْمخْرج (لم يرد) بالصدر، وَإِن كَانَ مدلولا بِحَسب الْوَضع (و) كلمة (إِلَّا قرينَة عدم الْإِرَادَة) مِنْهُ (كَمَا هُوَ) أَي عدم إِرَادَة بعد إِفْرَاد الْعَام يتَحَقَّق (بِسَائِر التخصيصات) للعمومات (فَلَا حَاجَة للسؤال) أَي إِلَى السُّؤَال (وتكلف هَذَا الْجَواب) لِأَن مدَار السُّؤَال على كَون الْمُسْتَثْنى مرَادا بصدر الْكَلَام وَإِذا لم يكن مرَادا بِهِ لأتيح السُّؤَال (وَإِمَّا مِنْهُ) أَي من الْخَلَاء، وَهِي عديلة قَوْله أَو مِنْهُ، وَكِلَاهُمَا للْعَطْف على قَوْله لَيْسَ مِنْهُ (وَأُرِيد) أَي الأذخر (بالحكم) وَهُوَ منع الْقطع (ثمَّ نسخ) الحكم الْمَذْكُور (بِوَحْي) سريع النُّزُول (كلمح الْبَصَر) أَي كرجع الطّرف من أَعلَى الحدقة إِلَى أَسْفَلهَا (خُصُوصا على قَول الْحَنَفِيَّة إلهامه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَحي، وَهُوَ إِلْقَاء معنى فِي الْقلب دفْعَة وَأورد) على هَذَا التَّوْجِيه المستدعى لنفي الِاسْتِثْنَاء تَحْقِيقا لِمَعْنى النّسخ أَن يُقَال (الِاسْتِثْنَاء يأباه) أَي النّسخ (أُجِيب بِأَن) النّسخ (الِاسْتِثْنَاء من مُقَدّر للْعَبَّاس) على مَا ذكر (لَا مِمَّا ذكره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والنسخ بعده) أَي بعد ذكره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَقْرُونا (مَعَ ذكر الْعَبَّاس) يَعْنِي قَوْله: إِلَّا الأذخر، وَإِنَّمَا قَالَ مَعَ ذكر الْعَبَّاس، لِأَن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا الأذخر مُتَّصِل بِذكرِهِ، وَلَا بُد من سبق النّسخ على قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَيلْزم مقارنته مَعَ قَول الْعَبَّاس، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَذكره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يَعْنِي قَوْله إِلَّا الأذخر (بعده) أَي بعد النّسخ (ثمَّ لَا يخفى أَن اسْتثِْنَاء الْعَبَّاس من مُقَدّر) فِي كَلَامه (على كل تَقْدِير) من التقادير الْمَذْكُورَة سَوَاء قُلْنَا بِانْقِطَاع الِاسْتِثْنَاء أَو باتصاله وَسَوَاء قُلْنَا بالنسخ أَو لَا (لِأَنَّهُ) أَي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا يخْتَلى خَلاهَا " (تركيب مُتَكَلم آخر ووحدة الْمُتَكَلّم مُعْتَبرَة فِي) وحدة (الْكَلَام) فَلَا يجوز أَن يتركب كَلَام وَاحِد من لفظ متكلمين، وَاللَّفْظ الْمُشْتَمل على الِاسْتِثْنَاء كَلَام وَاحِد (على مَا هُوَ الْحق) من الْقَوْلَيْنِ بِاعْتِبَار وحدة الْمُتَكَلّم وَعدم اعْتِبَارهَا وَذَلِكَ (لاشْتِمَاله) أَي الْكَلَام (على النِّسْبَة الإسنادية وَلَا يتَصَوَّر قِيَامهَا بِنَفسِهَا بمحلين) وَإِنَّمَا قَالَ بِنَفسِهَا لِأَن مَا بِنَفسِهَا يتَوَهَّم فِيهِ كَونه مركبا من لفظ اثْنَيْنِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة كلامان، وَنسبَة كلاميهما بِاعْتِبَار نفسيهما فَقَط قَائِمَة بِمحل وَاحِد وَلَكِن بِاعْتِبَار نفسيهما ونظيرها قَائِمَة بمحلين (و) كَذَا الِاسْتِثْنَاء (مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) من مُقَدّر بِنَاء على التَّقْدِير الثَّانِي وَهُوَ تَوْجِيه النّسخ جعل مَا قبله من الْوُجُوه الأول لمشاركتها فِي عدم النّسخ، وَإِنَّمَا قَالَ (على الثَّانِي) لِأَن فِي الأول سَوَاء جعل الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطِعًا أَو مُتَّصِلا لَا حَاجَة إِلَى التَّقْدِير لِاتِّحَاد الْمُتَكَلّم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute