القَاضِي لَا يجب الْبَيَان فِي التَّعْدِيل، وعَلى قَول الإِمَام يجب إِلَّا إِذا كَانَ عَالما. قَوْله فِي الِاكْتِفَاء مُتَعَلق يُخَالف، وبالإطلاق بالاكتفاء (أَو) هَذَا (مثله) أَن مَا عَن الإِمَام بِنَاء على إِرَادَة التَّقْيِيد بِالْعلمِ فِي التَّعْدِيل، بل فِي كَلَام القَاضِي وَإِن كَانَ بَعيدا (فَمَا نسب إِلَى القَاضِي من الِاكْتِفَاء بِالْإِطْلَاقِ) فيهمَا كَمَا وَقع للْإِمَام وَالْغَزالِيّ (غير ثَابت) عَن القَاضِي. قَالَ الشَّيْخ الْعِرَاقِيّ: الظَّاهِر أَنه وهم مِنْهُمَا، وَالْمَعْرُوف أَنه لَا يجب ذكر سَبَب وَاحِد مِنْهُمَا إِذا كَانَ كل من الْجَارِح والمعدل ذَا بَصِيرَة كَمَا عَلَيْهِ الْغَزالِيّ وَحَكَاهُ عَنهُ الرَّازِيّ والآمدي والخطيب (وَيبعد من عَالم القَوْل بِسُقُوط رِوَايَة أَو ثُبُوتهَا بقول من لَا خبْرَة عِنْده بالقادح وَغَيره). قَالَ السُّبْكِيّ: لَا يذهب عَاقل إِلَى قبُول ذَلِك مُطلقًا من رجل غمر جَاهِل لَا يعرف مَا يجرح بِهِ وَلَا مَا يعدل بِهِ (وَمَا أوردوه من دَلِيله) أَي القَاضِي: وَهُوَ أَنه (إِن شهد) الْجَارِح مثلا (من غير بَصِيرَة لم يكن عدلا) لِأَنَّهُ يدل على اتِّبَاعه الْهوى (وَالْكَلَام فِيهِ) أَي وَالْحَال أَن كلامنا فِي الْعدْل (فَيلْزم أَن لَا يكون) الْجَارِح (إِلَّا ذَا بَصِيرَة، فَإِن سكت) الْجَارِح عَن الْبَيَان (فِي مَحل الْخلاف) أَي الْموضع الْمُخْتَلف فِي أَنه هَل هُوَ بِسَبَب الْجرْح (فمدلس) وَهُوَ قدح فِي عَدَالَته، وَمَا أوردوه مُبْتَدأ خَبره (يُفِيد أَن لَا بُد من بَصِيرَة عِنْده) أَي القَاضِي (بالقادح وَغَيره وبالخلاف فِيمَا فِيهِ) الْخلاف من أَسبَاب الْجرْح وَالتَّعْدِيل (وَكَذَا مَا أجابوا بِهِ) أَي القَاضِي (من أَنه) أَي الْجَارِح (قد يَبْنِي على اعْتِقَاده) فِيمَا يرَاهُ جرحا (أَو لَا يعرف الْخلاف) فَلَا يكون مدلسا وَمَا أجابوا مُبْتَدأ خَبره (فرع أَن لَهُ علما: غير أَنه قد لَا يعرف الْخلاف فيجرحه أَو يعد لَهُ بِمَا يَعْتَقِدهُ وَهُوَ مُخطئ فِيهِ، لَكِن دفع بِأَن كَونه لَا يعرف الْخلاف خلاف مُقْتَضى بَصَره) بالفن وَقد يدْفع هَذَا الدّفع بِأَن الْتِزَام كَونه ذَا بَصِيرَة لَا يسْتَلْزم أَن لَا يفوتهُ شَيْء من مراتبها، وَعدم معرفَة الْخلاف لَا يُوجب عدم البصيرة رَأْسا (وَالْحَاصِل أَنه لَا وجود لذَلِك القَوْل) أَي الَّذِي يَقْتَضِي سُقُوط رِوَايَة أَو ثُبُوتهَا بقول من لَا خبْرَة عِنْده بالقادح وَغَيره (فَيجب كَون الْأَقْوَال على تَقْدِير الْعلم) للمعدل أَو الْجَارِح فَتكون (أَرْبَعَة فَقَائِل) يَقُول (لَا يَكْفِي) الْإِطْلَاق من الْعَالم (فيهمَا) أَي الْجرْح وَالتَّعْدِيل (للِاخْتِلَاف) بَين الْعلمَاء فِي سببهما (فَفِي التَّعْدِيل جَوَاب أَحْمد بن يُونُس فِي تَعْدِيل عبد الله الْعمريّ) إِنَّمَا يُضعفهُ رَافِضِي مبغض لِآبَائِهِ لَو رَأَيْت لحيته وخضابه وهيئته لعرفت أَنه ثِقَة، فاستدل على ثقته بِمَا لَيْسَ بِحجَّة، لِأَن حسن الْهَيْئَة يشْتَرك فِيهِ الْعدْل والمجروح (وَفِي الْجرْح) الِاخْتِلَاف فِي سَببه (كثير كشعبة) أَي كجرحه (بالركض) وَقد سبق (وَغَيره وَالْجَوَاب) عَن هَذَا (بِأَن لَا شكّ مَعَ إِخْبَار الْعدْل) يَعْنِي بعد مَا فرض أَن الْعدْل والجارح عدل عَالم فَقَوله مثله مُوجب للظن بِمَا أخبر بِهِ إِذْ لَو لم يعرف لم يقبل فَلَا مجَال للشَّكّ فِيهِ مَدْفُوع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute