للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بياضها ولمعانها، وَلحم فَاسد: إِذا نَتن وَلَكِن بَقِي صَالحا للغذاء، وَمَا لم يكن مَشْرُوعا بِأَصْلِهِ لَا بوصفه سمى بَاطِلا كَمَا يُقَال لحم بَاطِل: إِذا صَار بِحَيْثُ لَا يبْقى لَهُ صَلَاحِية الْغذَاء (واستدلال مانعي اتصاف الْمَنْدُوب بالاجزاء) من الْفُقَهَاء (بِمَا فِي الِاسْتِنْجَاء) من الحَدِيث الْمَذْكُور إبْقَاء على وُجُوبه بِاعْتِبَار لفظ الاجزاء (قد يمْنَع) كَون المُرَاد بالاجزاء الْمَذْكُور فِيهِ الاجزاء عَن الْوَاجِب (عِنْدهم) أَي الْفُقَهَاء (فَإِنَّهُ) أَي الِاسْتِنْجَاء (مَنْدُوب) عِنْد الْحَنَفِيَّة إِذا لم يبلغ الْخَارِج قدر الدِّرْهَم (كاستدلال المعممين) أَي كَمَا يمْنَع اسْتِدْلَال الْقَائِلين بِأَنَّهُ يُوصف بِهِ الْوَاجِب وَالْمَنْدُوب (بِمَا فِي الْأُضْحِية) من الحَدِيث السَّابِق ذكره (لِأَنَّهَا) أَي الْأُضْحِية (وَاجِبَة) عِنْد أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ (وَلَا يضرهم) أَي مانعي اتصاف الْمَنْدُوب بالاجزاء (مَا فِي الْفَاتِحَة) من الحَدِيث الْمَذْكُور (لقَولهم بِوُجُوبِهَا) أَي الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة (وَمُقْتَضى الدَّلِيل التَّعْمِيم) أَي تَقْسِيم اتصاف الْوَاجِب وَالْمَنْدُوب بِهِ عِنْدهم (لحَدِيث الِاسْتِنْجَاء، ثمَّ قد يظنّ أَن الصِّحَّة وَالْفساد فِي الْعِبَادَات من أَحْكَام الشَّرْع الوضعية وَقد أنكر ذَلِك، إِذْ كَون الْمَفْعُول) أَي مَا فعله الْمُكَلف امتثالا (مُوَافقا لِلْأَمْرِ الطَّالِب لَهُ) أَي لذَلِك الْمَفْعُول كَمَا هُوَ معنى الصِّحَّة عِنْد الْمُتَكَلِّمين، وتوصيف الْأَمر بالطالب على سَبِيل الْمجَاز: إِذْ الطَّالِب إِنَّمَا هُوَ الْآمِر (أَو) كَونه (مُخَالفا) لِلْأَمْرِ الطَّالِب لَهُ كَمَا هُوَ معنى الْفساد عِنْدهم (وَكَونه) أَي الْمَفْعُول (تَمام مَا طلب حَتَّى يكون مسْقطًا: أَي رَافعا لوُجُوب قَضَائِهِ) كَمَا هُوَ معنى الصِّحَّة عِنْد الْفُقَهَاء (وَعَدَمه) أَي عدم كَون الْمَفْعُول تَمام الْمَطْلُوب كَمَا هُوَ معنى عدم الصِّحَّة عِنْدهم، وَكَون الْمَفْعُول مُبْتَدأ خَبره (يَكْفِي فِي مَعْرفَته الْعقل) حَال كَونه (غير مُحْتَاج إِلَى تَوْقِيف الشَّرْع) أَي اطِّلَاعه على ذَلِك (كَكَوْنِهِ) أَي كَمَا يعرف كَونه (مُؤديا للصَّلَاة وتاركا) لَهَا بِالْعقلِ (فحكمنا بِهِ) أَي بِكُل من الصِّحَّة وَالْفساد (عَقْلِي صرف) أَي خَالص، وَلما قيل أَنه لَا شكّ فِي أَنَّهُمَا من أَحْكَام الْوَضع فِي الْمُعَامَلَات، إِذْ لَا يستراب فِي أَن كَون الْمُعَامَلَات مستتبعة لثمراتها الْمَطْلُوبَة مِنْهَا متوقفة على تَوْقِيف من الشَّارِع تعقبه المُصَنّف، فَقَالَ (وَلَا يخفى أَن ترَتّب الْأَثر) على الْفِعْل كَالصَّلَاةِ وَالْبيع (وضعي) إِذْ لَيْسَ من قَضِيَّة الْعقل أَن يَتَرَتَّب على تِلْكَ الْأَفْعَال الْمَخْصُوصَة ذَلِك الثَّوَاب، وَأَن يَتَرَتَّب على الْإِيجَاب وَالْقَبُول الْملك، بل بِمُوجب تعْيين الشَّارِع أَن يكون لكل وَاحِد أثر كَذَا (وَكَون الحكم بِهِ) أَي بترتب الْأَثر على الْفِعْل (بعد مَعْرفَته) أَي الترتب حَاصِلا (بِالْعقلِ شَيْء آخر) غير أصل الترتب، وَيحْتَمل أَن يكون بِالْعقلِ مُتَعَلقا بالمبتدأ، وَهُوَ الْكَوْن بِمَعْنى، وَخَبره شَيْء آخر وَالْحَاصِل أَن أصل ترَتّب الْأَثر الْخَاص على الْفِعْل الْخَاص لَيْسَ بعقلي، بل بِوَضْع الشَّارِع لَكِن حكمنَا بِكَوْن الْفِعْل الْوَاقِع المستجمع لشرائطه الْمُعْتَبرَة شرعا بِحَيْثُ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ أَثَره أَمر عَقْلِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>