عَمَّا يجب فِي ذمَّة الْمُكَلف، لَا بِاعْتِبَار نفس الاجزاء فَافْهَم (وَقَالُوا هُوَ) أَي هَذَا الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ فِي الدّلَالَة على وُجُوبهَا (أدل من الصَّحِيحَيْنِ) أَي من لَفْظهمَا على وُجُوبهَا وَهُوَ لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِأم الْكتاب لجَوَاز أَن يكون تَقْدِيره لَا صَلَاة كَامِلَة كَمَا يجوز أَن يكون التَّقْدِير لَا صَلَاة صَحِيحَة (و) باستدلالهم بِمَا (فِي حَدِيث الِاسْتِنْجَاء) عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَرْفُوعا " إِذا ذهب أحدكُم إِلَى الْغَائِط فليذهب مَعَه بِثَلَاثَة أَحْجَار فليستطب بهَا (فَإِنَّهَا تجزى عَنهُ) على وجوب الِاسْتِنْجَاء (وَهَذَا) النّظر (يحول الدَّلِيل) الْمَذْكُور على أَن الاجزاء يُوصف بِهِ غير الْوَاجِب (اعتراضا عَلَيْهِم) أَي على الْفُقَهَاء، تَقْرِيره أَنكُمْ جعلتم الاجزاء دَلِيل الْوُجُوب وقلتم لَا وجوب للأضحية وَقدره من الشَّارِع اسْتِعْمَال الاجزاء فِيهَا (وَالصِّحَّة عمتهما) أَي الْعِبَادَات والمعاملات (كالفساد) فِي عُمُومه لَهما (وَهُوَ) أَي الْفساد (الْبطلَان) عِنْد الشَّافِعِيَّة (والحنيفة كَذَلِك) أَي يَقُولُونَ بِأَن الْفساد هُوَ الْبطلَان (فِي الْعِبَادَات) يتَحَقَّق (بِفَوَات ركن أَو شَرط) فالعبادة الْفَاسِدَة والباطلة بِمَا فَاتَ فِيهَا ركن أَو شَرط (وَقدمنَا مَا اخترناه من الزِّيَادَة فِي) مَبْحَث (النَّهْي) وَحَاصِله أَن كل فعل هُوَ من جنس الْعِبَادَات إِذا أَتَى بِهِ الْمُكَلف على وَجه مَنْهِيّ عَنهُ نهي تَحْرِيم فَهُوَ بَاطِل لِأَن بطلَان الْفِعْل عبارَة عَن كَونه بِحَيْثُ لَا يَتَرَتَّب الْمَقْصُود مِنْهُ، وَلما كَانَ الْمَقْصُود من الْعِبَادَة الثَّوَاب واندفاع الْعقَاب لَا غير كَانَ الْمنْهِي عَنهُ تَحْرِيمًا بَاطِلا لعدم ترَتّب الْمَقْصُود بِخِلَاف غير الْعِبَادَة، إِذْ لَا يسْتَلْزم عدم ترَتّب الثَّوَاب فِيهِ عدم ترَتّب مَقْصُود آخر كالملك وَالِانْتِفَاع، ومبني هَذَا الْكَلَام أَن الْمنْهِي تَحْرِيمًا لَا ثَوَاب لَهُ وَمَا ينْدَفع بِهِ الْعقَاب أما إِذا جَازَ ترَتّب الثَّوَاب عَلَيْهِ بِدُونِ الِانْتِفَاع الْمَذْكُور أَو عَكسه فَلَا يلْزم الْخُلُو عَن الْفَائِدَة، ثمَّ مُقْتَضى هَذَا بطلَان صَوْم يَوْم الْعِيد وَعدم وجوب الْقَضَاء بعد الشُّرُوع فِيهِ والإبطال، وَالْحَنَفِيَّة لَا يَقُولُونَ بِبُطْلَانِهِ وَإِن ألزموه بالإبطال وَالْقَضَاء بل يَقُولُونَ بِصِحَّتِهِ لَو صَامَهُ، وَقد علم بذلك أَن الْبَاطِل من الْعِبَادَة لَا يخص فَائت الرُّكْن وَالشّرط، بل كل مَا نهى عَنهُ تَحْرِيمًا بَاطِلا (وَفِي الْمُعَامَلَة) عِنْد الْحَنَفِيَّة (كَونهَا) أَي الْمُعَامَلَة (مترتب أَثَرهَا) مُبْتَدأ خَبره مترتب، وَالْجُمْلَة خبر الْكَوْن: أَي كَون الْمُعَامَلَة بِحَيْثُ يَتَرَتَّب عَلَيْهَا مَا هُوَ الْمَطْلُوب مِنْهَا شرعا حَال كَونهَا (مَطْلُوبَة التفاسح شرعا الْفساد وَغير مَطْلُوبه) التفاسخ شرعا (الصِّحَّة، وَعَدَمه) أَي عدم ترَتّب أَثَرهَا عَلَيْهَا (الْبطلَان) وَإِنَّمَا قَالُوا هَكَذَا (لثُبُوت الترتب) أَي ترَتّب أثر الْمُعَامَلَة عَلَيْهَا حَال كَونهَا (كَذَلِك) أَي مَطْلُوبَة التفاسخ (فِي الشَّرْع بِمَا قدمْنَاهُ) (فِي) مَبْحَث (النَّهْي) كَالْبيع الْفَاسِد إِذا اتَّصل بِهِ الْقَبْض (فَفرق) بَين الْمُعَامَلَات (بالأسماء) الْمَذْكُورَة فَمَا كَانَ مَشْرُوعا بِأَصْلِهِ وَوَصفه سمي صَحِيحا لكَونه موصلا إِلَى تَمام الْمَقْصُود مَعَ سَلامَة الدّين وَمَا كَانَ مَشْرُوعا بِأَصْلِهِ دون وَصفه سمي فَاسِدا كَمَا يُقَال: لؤلؤة فَاسِدَة: إِذا بَقِي أَصْلهَا وَذهب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute