الْمَقْصُود مِنْهُ (الْحل وَالْملك، وَفِي الْعِبَادَات المتكلمون) قَالُوا هِيَ (مُوَافقَة الْأَمر) أَي أَمر الشَّارِع، وَهُوَ أَن يكون (فعله مستجمعا مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ) من الشُّرُوط وَغَيرهَا (وَهُوَ) أَي فعله مستجمعا إِيَّاه (معنى الاجزاء، وَالْفُقَهَاء) قَالُوا (هما) أَي الصِّحَّة والاجزاء فِي الْعِبَادَات (اندفاع وجوب الْقَضَاء) تَفْسِير باللازم إِذْ الاندفاع وصف وجوب الْقَضَاء لَا الْفِعْل الْمَوْصُوف بِالصِّحَّةِ (فَفِيهِ) أَي الحكم الَّذِي هُوَ الصِّحَّة عِنْد الْفُقَهَاء (زِيَادَة قيد) عَلَيْهِ عِنْد الْمُتَكَلِّمين إِذْ حَاصله أَنه مُوَافقَة الْأَمر على وَجه ينْدَفع بِهِ الْقَضَاء، وَهَذَا التَّعْبِير أحسن من قَول بَعضهم كَون الْفِعْل مسْقطًا للْقَضَاء لِأَن الْقَضَاء فرع وجوب الْقَضَاء وَلم يجب (فَصَلَاة ظان الطَّهَارَة مَعَ عدمهَا) أَي الطَّهَارَة فِي نفس الْأَمر (صَحِيحَة ومجزئة على الأول) أَي قَول الْمُتَكَلِّمين أَن الْمُعْتَبر فِي الْمُوَافقَة لِلْأَمْرِ شرعا حُصُول الظَّن بهَا لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الوسع (لَا الثَّانِي) أَي قَول الْفُقَهَاء لعدم اندفاع الْقَضَاء لِأَنَّهُ فِي معرض اللُّزُوم لاحْتِمَال ظُهُور بطلَان الظَّن، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (والاتفاق على الْقَضَاء) أَي على وُجُوبه (عِنْد ظُهُوره) أَي عدم الطَّهَارَة (أَي أَن الاجزاء لَا يُوصف بِهِ وبعدمه إِلَّا محتملهما) أَي الاجزاء وَعَدَمه (من الْعِبَادَات) كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَالْحج (بِخِلَاف الْمعرفَة) لله تَعَالَى لِأَنَّهَا لَا تحتملهما إِذْ لَيْسَ فيهمَا مَا يُطلق عَلَيْهِ الْمعرفَة وَهُوَ غير مجزئ لِأَنَّهُ إِذا وَصفه بِمَا لَا يَلِيق بِهِ يُسمى جهلا لَا معرفَة غير مجزية (وَقيل يُوصف بهما) أَي بالأجزاء وَعَدَمه مَا لَيْسَ بِعبَادة أَيْضا وَهُوَ (رد الْوَدِيعَة) مثلا (على الْمَالِك) حَال كَونه (مَحْجُورا) لسفه أَو جُنُون فيوصف بِعَدَمِ الْأَجْزَاء (و) حَال كَونه (غير مَحْجُور) فيوصف بالاجزاء (وَدفع) قَالَ الشَّارِح: الدَّافِع الاسنوي (بِأَنَّهُ) أَي ردهَا (لَيْسَ إِلَّا تَسْلِيمًا لمستحق التَّسْلِيم) يَعْنِي لَيْسَ رد الْوَدِيعَة مِمَّا يَقع على وَجْهَيْن مجزئ وَغير مجزئ، بل مِمَّا لَا يَقع إِلَّا على جِهَة وَاحِدَة وَهُوَ التَّسْلِيم لمستحق التَّسْلِيم فَإِن ردَّتْ إِلَى غَيره لَا يُقَال أَنه رد غير مجزئ، وَفِيه نظر (ثمَّ قيل مُقْتَضى) كَلَام (الْفُقَهَاء) أَن الاجزاء (لَا يخْتَص بِالْوَاجِبِ فَفِي حَدِيث الْأُضْحِية) عَن أبي بردة أَنه ذبح شَاة قبل الصَّلَاة فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ " لَا تجزى عَنْك " قَالَ عِنْدِي جزعة من الْمعز فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تجزى إِلَى آخِره) أَي عَنْك وَلَا تجزى عَن أحد بعْدك، رَوَاهُ أَبُو حنيفَة وَهُوَ بِمَعْنَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا، ثمَّ هَذَا بِنَاء على أَن الْأُضْحِية سنة كَمَا هُوَ قَول الْجُمْهُور (وَنظر فِيهِ) أَي فِي كَون ذَلِك مرضيا للفقهاء باستدلالهم: أَي الْفُقَهَاء (بِرِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ) مَرْفُوعا بِإِسْنَاد صَحِيح (لَا تجزى صَلَاة لَا يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن على وُجُوبهَا) أَي أم الْقُرْآن فِي الصَّلَاة فَإِن الِاسْتِدْلَال بهَا على الْوُجُوب دَلِيل على أَن الاجزاء خَاص بِهِ: يَعْنِي لَو لم يكن الاجزاء مُخْتَصًّا بِالْوَاجِبِ لجَاز كَون عدم الاجزاء لفَوَات السّنة، وَلَك أَن تَقول الِاسْتِدْلَال بِاعْتِبَار عدم اجزاء الصَّلَاة، فَإِن مَعْنَاهَا لَا يجزى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute