للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: لو حلف لا يكلم فلانًا فراسله حنث إِلَّا أن يريد عدم مشافهته (١).

وقال أبو حنيفة والثوري وابن المنذر والشّافعيّ في الجديد: لا يحنث؛ لأنّه ليس بتكليم في الحقيقة، ولهذا يصح نفيه فيقال ما كلمته وإنّما راسلته (٢) (٣).

ولنا: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: ٥١]، (٤) فاستثنى الرسول من التكلم (٥) والأصل أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، ولأنّه وضع لإفهام الآدميين أشبه الخطاب، لكن لو حلف لا يكلم زيدًا

فأرسل رسولًا لأهل العلم يسأل (٦) عن حكم فسأله الرسول (٧) لم يحنث المرسل؛ لأنّه لم يقصده بالمراسلة.

وهكذا يحنث إنَّ أشارا ... إليه كالكتب فلا يماري

أي: وكذا يحنث من حلف لا يكلم إنسانًا إن (٨) أشار إليه أو كاتبة كما يحنث بمراسلته لما تقدّم وهذا في الإشارة اختيار القاضي واقتصر عليه في الإقناع في الأيمان (٩)، ولكن جزم هو وصاحب المنتهى في الطّلاق بقول


(١) وهو رواية عن الإمام مالك ذكرها القرطبي في تفسيره ١٦/ ٥٤ وقال المواق في التاج والإكليل ٣/ ٣٠٠: قال مالك: من حلف ألَّا يكلم فلانًا فأرسل إليه رسولًا أو كتب إليه كتابًا حنث إِلَّا أن ينوي مشافهته والكتاب أشد وهذا في أيمان الطّلاق والعتاق ثمّ رجع مالك فقال: لا ينوي في الكتاب ويحنث بمجرد وصوله.
(٢) في هـ أرسلته.
(٣) انظر بدائع الصنائع ٣/ ٤٨ والمنهاج ٤/ ٣٤٥.
(٤) ما بين القوسين ليس في الأزهريات.
(٥) في هـ التكليم.
(٦) في د، س سأل.
(٧) سقطت من النجديات، هـ.
(٨) في ب فأشار وسقطت إن من هـ.
(٩) وهو قديم قولي الشّافعيّ ودليله قوله تعالى: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران: ٤١]. فقد استثنى الرمز من الكلام فدل على أنَّه منه، وقد أجيب عنه بما ذكره المؤلِّف بعد، انظر مغني المحتاج ٤/ ٣٤٥ - ٣٤٦ وذكره بعض المالكية رواية عن مالك. انظر مواهب الجليل ٣/ ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>