وَقد قَالَ جلّ ذكره {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس كمن مثله فِي الظُّلُمَات لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا كَذَلِك زين للْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يعْملُونَ}
فَهَذَا كَانَ قلبا مَيتا عَن الله تَعَالَى أعطَاهُ نور الْعقل وَالْعلم فَعرف ربه وَإِنَّمَا عقل الْعلم بِنور الْحَيَاة فَلَمَّا عرفه اطْمَأَن إِلَيْهِ وَأسلم نَفسه إِلَيْهِ عبودة فَلَزِمَهُ الاسمان مُؤمن وَمُسلم الْإِيمَان من جِهَة اسْتِقْرَار الْقلب وَالْإِسْلَام من جِهَة تَسْلِيم النَّفس إِلَيْهِ عبودة بِالْأَمر وَالنَّهْي فهما فِي عقد وَاحِد عرف رَبًّا فاطمأن إِلَيْهِ وَعرف نَفسه عِنْده فَسلم إِلَيْهِ نَفسه فَهَذِهِ معرفَة وَاحِدَة إِذا لحظ إِلَى ربه عرفه رَبًّا وَإِذا لحظ إِلَى نَفسه عرفه عبدا وَإِنَّمَا يعرف هَذَا بحياة الْقلب أدْرك بهَا هَذِه الْمعرفَة ثمَّ دَعَاهُ إِلَى العبودة الْأَمر وَالنَّهْي فَجَاءَتْهُ الشَّهَوَات الْمَوْضُوعَة فِي نَفسه فثقلته وجمحت بِهِ فِي نَهْيه فَإِذا جَاهد فِي ذَات الله حق جهاده شكر الله لَهُ ذَلِك وزاده فِي الْحَيَاة ليخفف أوامره ويكبح بلجامه فِي وَقت جموحه فِي المناهي وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ لما يُحْيِيكُمْ}
فَأعلمهُ بعد حَيَاة الْإِيمَان أَن يحييه بالطاعات فَإِذا أطَاع الله فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute