إِلَى الدِّيوَان الْأَكْبَر الَّذِي فِيهِ جملَة حِسَاب تِجَارَته فالمتقي ينظر فِيهِ كل يَوْم يتبدر أمره فِيهِ وَمِنْه ويقابل أُمُوره مِمَّا أَمر الله فِيهِ ويسويه ويتلافى مَا ضَاعَ مِنْهُ وَمَا قصر فِيهِ ثمَّ يُؤَدِّيه إِلَى ديوَان الله عز وَجل وَهُوَ اللَّوْح الحفوظ
ثمَّ قَالَ {وَإنَّهُ لحسرة على الْكَافرين}
فَإِذا رأى الْكَافِر مَا يصنع الْقُرْآن بأَهْله من الثَّنَاء عَلَيْهِم بَين يَدي الله عز وَجل وَنظر إِلَى كَرَامَة الله على أهل الْقُرْآن صَار ذَلِك كُله حسرة عَلَيْهِ وتقطع قلبه حسرات
ثمَّ قَالَ {وَإنَّهُ لحق الْيَقِين} أَي هَذَا الْقُرْآن من حق الْيَقِين أَي كَمَا أَعطيتكُم من نور الْمعرفَة فاستقرت قُلُوبكُمْ وأيقنت بربوبيتي وبوحدانيتي فاطمأنت نفوسكم بِي وَآمَنت كَانَ من حق ذَلِك الْيَقِين علينا أَن أنزل كَلَامي إِلَيْكُم لتسكن بِهِ تِلْكَ الصُّدُور الَّتِي اسْتَقر الْيَقِين فِي تِلْكَ الْقُلُوب فِيهَا ويجاوره بِأَحْسَن الْمُجَاورَة فَهَذَا حَقه ويساكته فِي مستقره فاليقين فِي الْقلب وكلامي فِي الصُّدُور وَهُوَ ساحة الْيَقِين فَذَلِك حق الْيَقِين
مثل من يقْرَأ الْقُرْآن من غير تدبر
وَمثل من يَقْرَؤُهُ من غير تدبر كجرس على بعير فالسائق للجمال تسير من أَمَامه بِصَوْت ذَلِك الجرس لثقالتها لَيْسَ عِنْدهم إِلَّا ذَلِك الصَّوْت فِي أسماعهم