فَهَذَا مثل عبد تائب قد أَزَال عَن نَفسه الفضول من كل شَيْء لم يُطلق لَهُ الشَّرْع وَهِي الْمعاصِي وتأدب بأدب الْإِسْلَام وتزين بالزهادة وَالتَّقوى وتطيب بِصدق الْبَاطِن من صِحَة النِّيَّة وإخلاص الْعُبُودِيَّة وبذل النَّفس لله ومحاسن الْأَخْلَاق وَكَانَ وليا من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى على ربه وَقد سبقت هَذِه المحامد مذموماته فغفر لَهُ مغْفرَة لَا يُبْدِي لَهُ شَيْئا من سالف سيئاته وجاد عَلَيْهِ بفضله الَّذِي سهل لَهُ سَبِيل الشَّفَاعَة فِي عدد كثير من خلقه
فَالَّذِي صَار إِلَى ذَلِك الْعرس بِتِلْكَ الْهَيْئَة القبيحة منع فِي الطَّرِيق عَن أَن يَأْتِي الْبَاب وَجلسَ هُنَالك ليَأْخُذ من شعره ونشره وكل فضول أُتِي بِهِ فاذا أَزَال من نَفسه تِلْكَ الفضول أُتِي بِهِ بعده فِي الْمجْلس والمائدة فَالَّذِي صَار إِلَى العرضة مَعَ هَذِه الْهَيْئَة السَّيئَة منع عَن دَار السَّلَام وَبَقِي فِي مجْلِس الصِّرَاط حَتَّى تَأْخُذ النَّار من شعره ونشره أكلا أكلا وحرقا حرقا كلما احْتَرَقَ عَاد كَمَا يرى لَهُ حَتَّى يَأْخُذ الْحق مِنْهُ مَا وَجب لَهُ عَلَيْهِ ثمَّ تُدْرِكهُ الرَّحْمَة من أرْحم الرَّاحِمِينَ فيتخلص فيكسى ويطيب فَيذْهب إِلَى دَار السَّلَام