فَكَذَا من عَامل فِي الطَّاعَات وَوَقع فِي الْأَهْوَاء مثل الْقَدَرِيَّة والجبرية والمعطلة والمشبهة فغرق رَأس مَالهم فِي أرباحهم فَصَارَت كلهَا نَسِيئَة من غير ثِقَة وَلَا ملاء
فالكيس لما رأى ذَلِك قَالَ إِنِّي لَا أبايع وَلَا أتاجر أحدا إِلَّا برهينة وكفيل ووثائق فالقليل من الرِّبْح مَعَ وفارة رَأس المَال خير من كثير الأرباح مَعَ تَضْييع رَأس المَال فَإِذا المَال والأرباح قد ذهبت كلهَا لِأَنَّهَا صَارَت فِي غير ملاءة وَلَا ثِقَة فَإِن هَذِه الأرباح كلهَا على خطر فَيَنْبَغِي أَن يكون كفيله ثِقَة مُجَانب الْأَهْوَاء
وَكن على حذر وتقوى من الِاسْتِمَاع إِلَى كَلَامهم فَإِنَّهُ كُله هَلَاك وتوى والزم السوَاد الْأَعْظَم الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحب الشَّرْع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاتبع سَبيله فقد أمرنَا الله تَعَالَى فِي تَنْزِيله بذلك فَقَالَ جلّ ذكره {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة}