فَلْينْظر إِلَى هَذِه الشَّهَوَات الَّتِي ذَكرنَاهَا الَّتِي فِي جَوْفه هَل سكن تلظيها وَانْقطع لهبها عَن الجوراح وَهل سكنت حِدة بَصَره بِالنّظرِ وحدة سَمعه بالاستماع وحدة حلقه عِنْد المضغ والتلمظ وحدة لِسَانه حَتَّى ينْطق فِي وَقت دوران العرقين بذلك اللِّسَان وحدة يَده حِين تنَاول وحدة وركيه حِين يضطربان باخْتلَاف الْقَدَمَيْنِ وتخطي الرُّكْبَتَيْنِ فَإِذا افْتقدَ الحدة فِي هَذِه الْمَوَاضِع فقد استيقن أَن التلظي قد سكن فِي الْجوف وَأَن الْقُوَّة قُوَّة الشَّهْوَة قد ضعفت فَعندهَا يعلم أَن مطر الرَّحْمَة من الْمَاجِد الْكَرِيم الْعَزِيز الْوَهَّاب قد حلت بِهِ وأمطرت على صَدره وَقَلبه حَتَّى طفئت نَار الشَّهَوَات فِي نَفسه وَبرد الأتون
فالكيس هَاهُنَا فهم وَأدْركَ أمره فَقَالَ فِي نَفسه لم يزل رَبِّي ماجدا رحِيما جوادا فَكيف احْتبست عني رَحمته حَتَّى عملت هَذِه النيرَان فِي جوفي مَا عملت حَتَّى فضحني عِنْد رَبِّي وَعند مَلَائكَته الكتبة وَعند سمائه وأرضه ثمَّ رَجَعَ إِلَى عقله فبصره عقله أَن هَذِه الرَّحْمَة امْتنعت عَنْك لِأَنَّك تحْتَاج إِلَى غسل بَيْتك حَتَّى تطهره من الأدناس والأوساخ فَأقبل إِلَى الازدياد كنسا بعد كنس حَتَّى صَار بهيئة من كَثْرَة تفقده أَلا تسخو نَفسه أَن يتْرك فِيهَا تبنة أَو أدق من التبنة فِي ذَلِك الْبَيْت حَتَّى يرفعها ٨٨ فَكلما ازْدَادَ من ذَلِك توقيا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute