للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل بالإمكان تجاوز كل هذه الآراء، إلا ما يتعلق بالدولة العبيدية، فالخلافة العباسية كانت واقعة تحت تسلط الأتراك قبل الإعلان عن القيام الخلافة الأموية في الأندلس بأكثر من ثلثي قرن، حيث كان الأتراك يتدخلون في تعيين الخلفاء، وأصبحت إدارة الدولة في أيديهم منذ أواسط القرن الثالث وحتى أوائل القرن الرابع الهجري (التاسع والعاشر الميلاديين (١)).

وأما ظهور الدويلات في المشرق فقد ابتدأ منذ مطلع القرن الثالث الهجري (٢)، في حين أن المغرب والشمال الأفريقي شهدا انفصالاً مبكراً عن الخلافة العباسية، وذلك عندما تمكن عدد من الزعماء من إنشاء إمارات خاصة بهم استقلوا بها عن العباسين (٣).


(١) - يتضح ذلك من اتفاق المنتصر بن المتوكل العباسي مع بعض القادة الأتراك على قتل والده الخليفة، وقد نفذ ذلك في يوم الأربعاء الثالث من شهر شوال سنة ٢٤٧ هـ، ومنذ ذلك التاريخ وحتى سنة ٢٥٧ هـ كان القادة الأتراك هم الذين يعينون الخلفاء، ثم تكرر تسلطهم مرة أخرى طيلة الربع الأول من القرن الرابع الهجري. انظر: تاريخ الطبري، ٩/ ٢٢٢ - ٢٣٠، ٢٣٤ - ٢٣٩، ٢٥٦ - ٢٥٨، ٣٤٢ - ٣٤٥، ٣٦٤، ٣٨٩ - ٣٩٦، ٤٤٣ - ٤٦٩. الكامل في التاريخ، ٦/ ١٣٧ - ١٣٨، ١٤١ - ١٤٣، ١٤٧ - ١٥٠، ١٦٥ - ١٧٢، ١٨٥، ١٩٩ - ٢٠١، ٤٣٨ - ٤٣٩.
(٢) - إن أول إمارة بدأت بالاستقلال في المشرق عن الخلافة العباسية هي إمارة طاهر بن الحسين، الذي بسط نفوذه على خراسان واتخذ من نيسابور حاضرة لدولته، وذلك سنة ٢٠٥ هـ. انظر: تاريخ الطبري، ٨/ ٥٧٧ - ٥٨٠.
(٣) - شهد المغرب والشمال الأفريقي ظهور عدة إمارات: فإمارة "نكور" تأسست على يد زعيم عربي يمني يدعى صالح بن منصور الحميري، في بلاد الريف، وذلك سنة ٩١ هـ وبعد قيام الدولة الأموية في الأندلس سنة ١٣٨ هـ أصبحت إمارة تكور ذات ارتباط قوي بها، واستقلت تماماً عن الخلافة العباسية، وأسس عيسى بن يزيد الأسود المكناسي إمارة بني مدرار الصفرية سنة ١٤٠ هـ واتخذ من سجلماسة عاصمة لإمارته، وفي سنة ١٦٠ هـ تمكن عبد الرحمن بن رستم بن بهرام إمام الرستميين من إنشاء الإمارة الرستمية واتخذ من تبهرت عاصمة له، وتبع هذه الإمارة إمارة الأدراسة في المغرب الأقصى وإمارة الأغالبة في أفريقية. انظر: البيان المغرب ١/ ١٥٦، ١٧٦، ١٩٦ - ١٩٧، تاريخ ابن خلدون ٤/ ١٩٦ - ١٩٧، ٢٠٠ سالم بن عبد الله الخلف، العلاقات السياسية والثقافية بين الخلافة العباسية والإمارة الأموية في الأندلس، ص ١٩٥ - ٢٤٥ والمراجع الواردة.

<<  <  ج: ص:  >  >>