وأما مسألة استجابة الأمير الأموي عبد الرحمن بن محمد لطلب الأندلسين باتخاذ لقب الخلافة، فأمر يحتاج إلى وقفة، إذ من الممكن أن يكون عبد الرحمن هو الذي بث في أوساط الناس من يناديه بالخلافة ويطالبه باتخاذ ألقابها، وبالتالي يصبح تسميه بالخلافة كأنه استجابة لطلب رعيته.
وإذا صح ما ذهبنا إليه، فإنه لا يصمد أمام البحث إلا ما يتعلق بالدولة العبيدية وبناء عليه: يمكن القول بأن هذه التغيرات التي شهدتها البلاد الإسلامية، إضافة إلى رؤية العبيدين للشمال الأفريقي قاطبة وما يليه من بلاد الأندلس على أنه مجال حيوي لدولتهم، فضلاً عن حملهم للواء التشيع، وإذا وضعنا في الحسبان ما كانت عليه الإمارة الأموية في الأندلس في أواخر القرن الثالث الهجري، ومن ثم سيطرة عبد الرحمن الناصر على كافة العصاة والخارجين على دولته، وحده من نفوذ النصارى في الشمال وإرهاقهم بالغزوات المتتالية. كل هذه الأمور مجتمعة دفعت عبد الرحمن الناصر إلى التفكير في إحداث نقلة معنوية كبيرة لدولته، وذلك لأهمية