للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغياب السلطان الذي يحفظ الأمن ويجري الحقوق بين الناس، ومع ضعف دوافع الانقسام والتحزب بسبب قيام الدولة الأموية، فإن أثار ذلك ظلت تكمن في النفوس، ومن شأن وجود شاميين وبلديين في الأندلس أن يكون له حسابه في الفصل في موضوع ولاية العهد، حيث كانت أم سليمان شامية وأم هشام بلدية.

وفي النص الذي أورده ابن عذاري نجد الأمير عبد الرحمن الداخل يصرح بحب الشاميين لسليمان، عندما أوصى ابنه عبد الله قائلاً: "وإن سبق إليك سليمان فله فضل سنه ونجدته وحب الشاميين له (١) " فلو تولى سليمان الإمارة هل ستنقاد له بقية فئات المجتمع الأندلسي؟ إن الأمير عبد الرحمن الداخل بحاجة إلى استقرار إمارته، وتجنيبها الخلافات عليه وعلى خلفائه من بعده، ولذا فإن إسناد الأمر إلى هشام، من شأنه أن يجعل اجتماع الكلمة عليه أكثر احتمالاً، إذ أن أمه من البلديين.

وإذا نظرنا إلى وضع الإمارة الأموية في نهاية عهد الأمير عبد الرحمن الداخل، نجد أنها كانت تنعم بالهدوء بعد أن أمضى سنوات طويلة من حكمه في إرساء قواعد دولته والقضاء على الخصوم بشدة.

ولاشك أن الأمير عبد الرحمن الداخل لم يغفل هذه الناحية، فهو يدرك ضرورة اختيار الأنسب لتولي العهد من بعده، وبما أن دولته مستقرة، ففي الحالة هذه يكون تقديم هشام أولى، وقد ذكر الماوردي أن


(١) - البيان المغرب، ٢/ ٦١. وانظر: أعمال الأعلام، ٢/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>