للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاستقباله، وهذا الوفد هو أشبه ما يكون بالبعثة الشرفية المعروفة بالوقت الحالي، وتقوم هذه البعثة بمرافقة السفير إلى العاصمة، وتحرص هذه البعثة أشد الحرص على عدم تمكين السفير من معرفة الطريق، فيختارون له الطرق الوعرة المتعبة بالذات إن كان من دولة معادية، وعندما يقترب السفير من العاصمة، تكون هناك مجموعات من الجند مرتبة ترتيباً عسكرياً، تستقبله الواحدة تلو الأخرى، ثم يخرج أحد كبار رجالات الدولة المقربين من الخليفة فيستقبل السفير، ويرحب به، ويدخل معه إلى قرطبة، وما يزال مسايراً له، حتى ينزله في دار سبق إعدادها لنزوله، ويتم ترتيب مجموعة من ذوي الخبرة بالضيافة لخدمته، ومجموعة أخرى لتمنع العامة والخاصة من الاختلاط به، خشية أن يتوصل إلى معرفة ما يضر بالدولة الأموية، وذلك من خلال استمالته لأحدهم.

والخليفة لا يستقبل السفير مباشرة، بل إن الوزير المرافق للسفير، يطلع على المهمة التي قدم من أجلها، وهو بدوره يبلغها للخليفة، فإن رضي عن المهمة أذن للسفير بمقابلته وإلا منعه.

ولم يحدث أن رفض الخليفة استقبال أي سفير، إلا ما جرى من الخليفة عبد الرحمن الناصر، عندما رفض استقبال الراهب جان "يوحنا" الذي كان مبعوثاً من عند الملك هوتو، بعد أن علم الخليفة أن الغرض من السفارة كان لأجل مناقشة بعض الأمور الدينية (١).


(١) - أرسلان، غزوات العرب، ص ١٧٩ - ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>