للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربعة مثاقيل، على الوجه الواحد منه صورة المسيح، وعلى الأخر صورة قسطنطين الملك وصورة ولده، وكان الكتاب بداخل درج فضة منقوش عليه غطاء ذهب فيه صورة قسطنطين الملك معمولة من الزجاج الملون البديع، وكان الدرج داخل جعبة ملبسة بالديباج، وكان في ترجمة عنوان الكتاب في سطر منه: قسطنطين ورومانس المؤمنان بالمسيح، الملكان العظيمان ملكا الروم، وفي سطر أخر: العظيم الاستحقاق المفخر الشريف النسب عبد الرحمن الخليفة الحاكم على العرب بالأندلس، أطال الله بقاءه (١)، ولما احتفل الناصر لدين الله هذا الاحتفال أحب أن يقوم الخطباء والشعراء بين يديه، لتذكر جلالة مقعده وعظيم سلطانه، وتصف ماتهيأ من توطيد الخلافة في دولته، وتقدم إلى الأمير الحكم ابنه ولي عهده بإعداد من يقوم بذلك من الخطباء، ويقدمه أمام نشيد الشعراء، فأمر الحكم صنيعه الفقيه محمد بن عبد البر الكستياني بالتأهب لذلك، وإعداد خطبة بليغة يقوم بها بين يدي الخليفة، وكان يدَّعي من القدرة على تأليف الكلام ما ليس في وسع غيره، وحضر المجلس السلطاني، فلما قام يحاول


(١) - كان من بين الهدية التي قدمها الوفد البيزنطي للخليفة نسخة من كتاب الطبيب اليوناني "ديسكوريدس Dioscorides" في الحشائش والنباتات الطبية باللغة اليونانية، ونظراً لعدم وجود من يعرف اليونانية عند الخليفة، لذا فقد بعث إلى الإمبراطور البيزنطي رسالة يطلب فيها منه أن يبعث من عنده من يقوم بترجمة الكتاب، فاستجاب له، وبعث إليه بالراهب نيقولا سنة ٣٤٠ هـ. انظر: طبقات الأطباء ص ٤٩٤. تاريخ الفكر الأندلسي ص ٤٦٢ - ٤٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>