للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكلم بما رأى هاله وبهره هول المقام وأبهة الخلافة، فلم يهتد إلى لفظه، بل غُشي عليه وسقط إلى الأرض، فقيل لأبي علي البغدادي إسماعيل بن القاسم القالي (١) صاحب الأمالي والنوادر، وهو حينئذ ضيف الخليفة الوافد عليه من العراق وأمير الكلام وبحر اللغة: "قم فارقع هذا الوهي"، فقام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم … ثم انقطع القول بالقالي، فوقف ساكتاً مفكراً في كلام يدخل به إلى ذكر ما أراد منه، … فلما رأى ذلك منذر بن سعيد (٢) - وكان ممن حضر في زمرة الفقهاء - قام من ذاته، بدرجة من مرقاته، فوصل افتتاح أبي علي لأول خطبته بكلام عجيب، ونادى في الإحسان من ذلك المقام كل


(١) - أبو علي إسماعيل بن القاسم بن عيدون، جده من موالي بني أمية تعلم ببغداد، ثم ارتحل إلى الأندلس سنة ٣٢٨ هـ، ودخل قرطبة في أواخر شعبان سنة ٣٣٠ هـ واستطوطنها إلى أن وافته المنية بها سنة ٣٥٦ هـ فدفن في مقبرة متعة ظاهر قرطبة. انظر: ابن الفرضي، ترجمة رقم ٢٢٣. عبد العلي الودغيري، أبو علي القالي وأثره في الدراسات اللغوية والأدبية في الأندلس، (طبعة اللجنة المشتركة، المغرب- الأمارات ١٤٠٣ هـ ١٩٨٣) ص ٣٦ - ١٤٠.
(٢) - أبو الحكم منذر بن سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن البلوطي، من أهل قرطبة، كان عالماً فقيهاً، أدبياً خطيباً، ولي قضاء مدينة لارده، والثغور الشرقية، ثم قُدِّم إلى قضاء الجماعة، فلم يزل في منصبه إلى أن توفي يوم الخميس لليلتين بقيتا من شهر ذي القعدة سنة ٣٥٥ هـ بعد أن ترك عدة مؤلفات. انظر: الزبيدي، طبقات النحويين واللغويين، (تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، دار المعارف، ط الثانية ١٩٨٤ م) ص ٢٩٥ - ٢٩٦. ابن الفرضي، ترجمة رقم ١٤٥٤. مطمح الأنفس، ص ٢٣٧ - ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>