للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجيب، يسحه سحاً كأنه كان يحفظه من قبل ذلك بمدة، وبدأ من المكان الذي انتهى إليه أبو علي البغدادي (١) … فصلب العلج وغلب على قلبه، وقال: هذا كبير القوم، أو كبش القوم، وخرج الناس يتحدثون عن حسن مقامه، وثبات جنانه وبلاغة لسانه، وكان الناصر أشدهم تعجباً منه (٢) … وفي خمس بقين منه نُقل هؤلاء الرسل من منزلهم بمنية نصير بالربض، إلى دار إبراهيم الفتى بداخل قرطبة، وفي آخر هذا الشهر أعاد الناصر لدين الله القعود الثاني لرسل ملك الروم، بقصر الزهراء، فاحتفل لذلك أيضاً، واستكمل له الأهبة، وبالغ في الزينة، وقعد على باب السدة صاحب المدينة، مع من ضُمَّ إليه من العرفاء والشرط والحرس، وهم صفوف قيام، وقام مع سور القصر سماط من الموالي، في الملابس الحسان والسلاح الشاك، وألزم الفصلان كلها جملاً من العبيد والحشم والبوابين وغيرهم، في أشكل زيهم، ثم أعاد القعود، لهم بالزهراء، وهذا القعود الثالث، كان يوم الخميس لثلاث بقين منه، على ما تقدم في الأهبة والاحتفال في الزينة، وفي النصف من جمادى الأولى منها أدخل الناصر لدين الله هؤلاء الرسل على نفسه في مجلس خاص، قعد لهم فيه في قصر الزهراء، في المجلس المشرف على الرياض، فلما خرجوا من عنده، أدخلوا في ديار الصناعات والعدة بأكناف الزهراء ودار السكة، وطيف بهم بأرجائها، ثم صرفوا إلى


(١) - نفح الطيب، ١/ ٣٦٦ - ٣٦٩.
(٢) - المصدر السابق ١/ ٣٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>